وسليمان ـ عليهماالسلام (١) ـ وغيرهما ، وأنه يمكن لهم دينهم ، وتمكينه ذلك بأن يؤيدهم بالنصر والإعزاز ، ويبدلهم من بعد خوفهم من العدوّ أمنا ، بأن ينصرهم عليهم فيقتلوهم ، ويأمنوا بذلك شرهم (٢).
قال أبو العالية : مكث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد الوحي بمكة عشر سنين مع أصحابه ، وأمروا بالصبر على أذى الكفار ، فكانوا يصبحون ويمسون خائفين ، ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة ، وأمروا بالقتال ، وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه ، فقال رجل منهم : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ، ونضع السلاح فأنزل الله هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ)(٣) أدخل اللام لجواب اليمين المضمرة ، يعني : والله ليستخلفنهم في الأرض ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم فيجعلهم ملوكها وسكانها (٤)(كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
(قال قتادة : داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء (٥).
وقيل) (٦) : (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني : بني إسرائيل ، حيث أهلك الجبابرة بمصر والشام ، وأورثهم أرضهم وديارهم (٧). روى عدي بن حاتم قال : أتينا عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ أتى إليه رجل فشكى إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكى إليه قطع النسل ، فقال : «يا عدي هل رأيت الحيرة؟» قلت : لم أرها وقد أتيت فيها : قال : «فإن طالت بك حياة فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله» قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين قد سعوا البلاد ، «وإن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى». قلت : كسرى بن هرمز ، «ولئن طالت بك حياة لترين الرجل من مكة يخرج ملأ كفه من ذهب ، أو ذهب يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله ، وليلقين الله أحدكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له ، وليقولن : «ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك؟ فيقول : بلى ، فيقول : ألم أعطك مالا وأتفضل عليك» فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا الجنة ، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم». قال عدي : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «اتقوا النار ولو بشقّ تمرة ، فمن لم يجد تمرا فبكلمة طيبة» (٨) ـ قال عدي فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله تعالى وكنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يخرج (الرجل ملأ كفه (٩)) (١٠).
__________________
(١) في ب : عليهما الصلاة والسلام.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤.
(٣) في ب : ليستخلفنهم في الأرض. وانظر البغوي ٦ / ١٣٧ ، وأسباب النزول للواحدي ٢٤٤ ، القرطبي ١٢ / ٢٩٧.
(٤) انظر البغوي ٦ / ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٥) انظر البغوي ٦ / ١٣٨.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) انظر البغوي ٦ / ١٣٨.
(٨) أخرجه البخاري (زكاة) ١ / ٢٤٦ ، (أدب) ٤ / ٥٤ ، ومسلم (زكاة) ٢ / ٧٠٣ ـ ٧٠٤ ، النسائي (زكاة) ٥ / ٧٤ ـ ٧٥ ، أحمد ١ / ٤٤٦ ، ٤ / ٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٣٧٧.
(٩) أخرجه الإمام أحمد ٤ / ٢٥٧ ، ٣٧٨.
(١٠) ما بين القوسين سقط من الأصل.