كما تقدم في قوله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ)(١) [المائدة : ١١٦].
قوله : «ينبغي» العامة على بنائه للفاعل ، وأبو عيسى الأسود القارىء (٢) «ينبغى» مبنيّا للمفعول. قال ابن خالويه : زعم سيبويه أنّ «ينبغى» لغة (٣).
قوله : «أن نتّخذ» فاعل «ينبغي» ، أو (٤) مفعول قائم مقام الفاعل في قراءة الأسود وقرأ العامة «نتّخذ» مبنيّا للفاعل ، و (مِنْ أَوْلِياءَ) مفعوله وزيدت فيه (من) ويجوز أن يكون مفعولا أوّل (٥) على أن (اتّخذ) متعديا لاثنين (٦).
ويجوز أن لا تكون المتعدية لاثنين بل لواحد ، فعلى هذا (مِنْ دُونِكَ) متعلق بالاتخاذ ، أو بمحذوف على أنه حال من «أولياء».
وقرأ أبو الدرداء ، وزيد بن ثابت ، وأبو رجاء ، والحسن ، وأبو جعفر في آخرين : «نتّخذ» مبنيّا للمفعول (٧). وفيه أوجه :
أحدها : أنها المتعدية لاثنين ، فالأول : «هم» ضمير الاثنين (٨) ، والثاني : قوله : (مِنْ أَوْلِياءَ) و «من» للتبعيض ، أي : ما كان ينبغي أن نتخذ بعض أولياء ، قاله الزمخشري (٩).
الثاني : أنّ (١٠)(مِنْ أَوْلِياءَ) هو المفعول الثاني ـ (أيضا ـ إلّا أن «من» مزيدة في المفعول الثاني) (١١). وهذا مردود بأن «من» لا تزاد في المفعول الثاني إنما تزاد في الأول (١٢). قال ابن عطية : ويضعف هذه القراءة دخول «من» في قوله : (مِنْ أَوْلِياءَ) اعترض بذلك سعيد بن جبير وغيره (١٣). قال الزجاج : أخطأ من قرأ بفتح الخاء وضم النون ، لأنّ «من» إنما تدخل في هذا الباب إذا كانت مفعولة أولا (١٤) ولا تدخل (١٥) على مفعول الحال ، تقول (١٦) : ما اتخذت من
__________________
(١) وذكر ابن عادل هناك : دخلت الهمزة على المبتدأ لفائدة ذكرها أهل البيان وهو أن الفعل إذا علم وجوده وشك في نسبته إلى شخص أولي الاسم المشكوك في نسبته إلى الفعل إليه الهمزة فيقال : أأنت ضربت زيدا ، فضرب زيد قد صدر في الوجود وإنما شك في نسبته إلى المخاطب ، وإن شك في أصل وقوع الفعل أولي الفعل للهمزة ، فيقال : أضربت زيدا ، لم تقطع بوقوع الضرب بل شككت فيه ، والحاصل أن الهمزة يليها المشكوك فيه. انظر اللباب ٣ / ٣٦٤ ، وانظر أيضا دلائل الإعجاز ١٤١ ـ ١٤٥.
(٢) لم أقف له على ترجمة.
(٣) المختصر (١٠٤) ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٨.
(٤) في ب : و.
(٥) في ب : أولا.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٨٢.
(٧) المختصر (١٠٤) ، المحتسب ٢ / ١١٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٩ ، الإتحاف (٣٢٨).
(٨) انظر الكشاف ٣ / ٩٢ ، التبيان ٢ / ٩٨٢.
(٩) قال الزمخشري : (فالأول ما بني له الفعل ، والثاني «مِنْ أَوْلِياءَ» و «من» للتبعيض ، أي : لا تتخذ بعض أولياء) الكشاف ٣ / ٩٢.
(١٠) أن : سقط من الأصل.
(١١) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٨٢.
(١٣) تفسير ابن عطية ١١ / ١٨.
(١٤) في ب : أم لا. وهو تحريف.
(١٥) في ب : ولا بدخول. وهو تحريف.
(١٦) في ب : كقولك.