فتكون فعلها (١) روي عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في حديث الصور : «إنّه قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصّعق ، ونفخة القيامة ، وإن عند نفخة الفزع يسير الله الجبال ، و (تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ، قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) وتكون الأرض كالسفينة حصرتها الأمواج أو كالقنديل المعلق تموجها الرياح» (٢). قال مقاتل وابن زيد : هذا في أول يوم من أيام الآخرة (٣) وليس في الآية دلالة على هذه الأقوال ، لأن هذه الإضافة [تصح](٤) وإن كانت فيها ومعها كقولنا : آيات الساعة وأمارات الساعة (٥).
قوله : «يوم» ، فيه أوجه :
أحدها : أن ينتصب ب «تذهل» ، ولم يذكر الزمخشري غيره (٦).
الثاني : أنه منصوب ب «عظيم».
الثالث : أنه منصوب بإضمار «اذكر».
الرابع : أنه بدل من «السّاعة» (٧) ، وإنما فتح لأنه مبني ، لإضافته إلى الفعل وهذا إنما يتمشى على قول الكوفيين (٨) ، وتقدم تحقيقها آخر المائدة (٩).
الخامس : أنه بدل من «زلزلة» بدل اشتمال ، لأن كلّا من الحدث والزمان يصدق أنه مشتمل على الآخر. ولا يجوز أن ينتصب ب «زلزلة» لما يلزم من الفصل بين المصدر ومعموله بالخبر(١٠).
قوله : «ترونها» في هذا الضمير قولان :
أظهرهما : أنه ضمير الزلزلة ؛ لأنها المحدث عنها (١١) ، ويؤيده أيضا قوله (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ).
والثاني : أنه ضمير الساعة (١٢).
فعلى الأول : يكون الذهول والوضع حقيقة ؛ لأنه في الدنيا.
وعلى الثاني : يكون على سبيل التعظيم والتهويل ، وأنها بهذه الحيثية ، إذ المراد
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) أخرجه الطبري. انظر جامع البيان ١٧ / ٨٥.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤.
(٤) تصح : تكملة ليست بالمخطوط.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤.
(٦) الكشاف ٣ / ٢٤.
(٧) هذه الأوجه ذكرها أبو البقاء في التبيان ٢ / ٩٣١.
(٨) وذلك لأن ظرف الزمان المحمول على «إذ» و «إذا» إن وليه فعل مضارع معرب ، فالإعراب أرجح من البناء عند الكوفيين والأخفش ، وواجب عند جمهور البصريين لعدم التناسب. شرح التصريح ٢ / ٤٢.
(٩) عند قوله تعالى : «قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ»[المائدة : ١١٩]. انظر اللباب ٣ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
(١٠) وذلك لأن المصدر مع معموله كالموصول مع صلته ، فكما لا يفصل بين الموصول وصلته لا يفصل بين المصدر ومعموله بتابع وغيره. انظر التبيان ٢ / ٩٣١ ، الهمع ٢ / ٩٣.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٩.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.