بالساعة القيامة ، وهو كقوله : (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً)(١).
قوله : «تذهل» في محل نصب على الحال من الهاء في «ترونها» ، فإن الرؤية هنا بصريّة ، وهذا إنما يجيء على غير الوجه الأول (٢) ، وأما الوجه الأول وهو أنّ «تذهل» ناصب ل (يَوْمَ تَرَوْنَها) فلا محل للجملة من الإعراب ؛ لأنها مستأنفة ، أو يكون محلها النصب على الحال من الزلزلة ، أو من الضمير في «عظيم» وإن كان مذكرا ، لأنه هو الزلزلة في المعنى ، أو من «الساعة» وإن كانت مضافا إليها ، لأنه إما فاعل أو مفعول كما تقدم. وإذا جعلناها حالا فلا بد من ضمير محذوف تقديره : تذهل فيها (٣). وقرأ العامة : «تذهل» بفتح التاء والهاء من : ذهل عن كذا يذهل(٤). وقرأ ابن أبي عبلة واليماني : بضم التاء وكسر الهاء ، ونصب «كل» على المفعول به (٥) من أذهله عن كذا يذهله ، عدّاه بالهمزة. والذهول : الاشتغال عن الشيء (٦) ، وقيل : إذا كان مع دهشته وقيل : إذا كان ذلك لطرآن شاغل من همّ أو مرض ونحوهما (٧) ، وذهل بن شيبان (٨) أصله من هذا. والمرضعة : من تلبست بالفعل ، والمرضع من شأنها أن ترضع كحائض فإذا أراد التلبس قيل : حائضة (٩). قال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل «مرضعة» دون مرضع؟ قلت : المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي (١٠) ، والمرضع التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها (به (١١)) (١٢). والمعنى : أن من شدة الهول تذهل هذه عن ولدها فكيف بغيرها. وقال بعض الكوفيين : المرضعة يقال للأم ،
__________________
(١) من قوله تعالى : «فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً» [المزمل : ١٧].
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٣١.
(٣) المرجع السابق.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٠.
(٥) المرجع السابق.
(٦) قاله قطرب. البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.
(٨) هو ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة ، جد جاهلي ، بنوه بطن من بكر بن وائل ، منهم الأمير ابن الهيثم خالد بن أحمد ، وكثيرون. الأعلام ٣ / ٢٧.
(٩) اختلف النحويون في دخول الهاء في المرضعة ، فقال الفراء : المرضعة والمرضع : التي معها صبي ترضعه ، قال : ولو قيل في الأم : مرضع ، لأن الرضاع لا يكون إلا من الإناث ، كما قالوا امرأة حائض وطامث ، كان وجها ، قال : ولو قيل في التي معها صبي : مرضعة كان صوابا. معاني القرآن ٢ / ٢١٤. وقال الأخفش : أدخل الهاء في المرضعة لأنه أراد ـ والله أعلم ـ الفعل ، ولو أراد الصفة فيما نرى لقال: مرضع ـ معاني القرآن ٢ / ٦٣٥. وقال أبو زيد : المرضعة التي ترضع وثديها في في ولدها ، وعليه قوله تعالى : (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ). قال : وكل مرضعة كل أم. قال : والمرضع التي دنا لها أن ترضع ولم ترضع بعد. والمرضع التي معها الصبي الرضيع. وقال الخليل : امرأة مرضع ذات رضيع ، كما يقال امرأة مطفل ذات طفل بلا هاء لأنك تصفها بفعل منها واقع أو لازم ، فإذا وصفتها بفعل هي تفعله قلت : مفعلة كقوله تعالى : (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) وصفها بالفعل فأدخل الهاء في نعتها ، ولو وصفها بأن معها رضيعا ، قال : كل مرضع. اللسان (رضع).
(١٠) في ب : للصبي.
(١١) الكشاف ٣ / ٢٤.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.