٣٧٥٥ ـ وزجّجن الحواجب والعيونا (١)
(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)(٢) فإنه على تقدير : وسقيتها ماء ، وكحلن العيون ، واعتقدوا الإيمان. قوله : (وَلَهُمْ مَقامِعُ)(٣) يجوز في هذا الضمير وجهان :
أظهرهما : أنه يعود على (الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وفي اللام حينئذ قولان :
أحدهما : أنها للاستحقاق. والثاني : أنها بمعنى (على) كقوله : (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ)(٤) وليس بشيء.
والوجه (٥) الثاني : أن الضمير يعود على الزبانية أعوان جهنم (٦) ، ودل عليهم سياق الكلام ، وفيه بعد. (مِنْ حَدِيدٍ) صفة ل (مَقامِعُ) ، وهي مقمعة بكسر الميم ، لأنها آلة القمع (٧) ، يقال: قمعه يقمعه : إذا ضربه بشيء يزجره به ، ويذله ، والمقمعة : المطرقة ، وقيل : السوط ، أي : سياط من حديد ، وفي الحديث «لو وضعت مقمعة منها في الأرض فاجتمع عليها الثقلان (ما أقلوها» (٨))(٩).
قوله : (كُلَّما أَرادُوا). «كلّ» نصب على الظرف ، وتقدم الكلام في تحقيقها في البقرة (١٠) ، والعامل فيها هنا قوله : (أُعِيدُوا)(١١). و (مِنْ غَمٍّ) فيه وجهان :
أظهرهما : أنه بدل من الضمير في «منها» (١٢) بإعادة العامل بدل اشتمال (١٣) كقوله :
__________________
(١) عجز بيت من بحر الوافر قاله الراعي النميري ، وصدره :
إذا ما الغانيات برزن يوما
وهو في الخصائص ٢ / ٤٣٢ ، الإنصاف ٢ / ٦١٠ ، المغني ٢ / ٣٥٧ ، شذور الذهب ٢٤٢ ، المقاصد النحوية ٣ / ٩١ ، ٤ / ١٩٣ ، شرح التصريح ١ / ٣٤٦ ، الهمع ٢ / ١٣٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٥ ، الأشموني ٢ / ١٤٠ ، حاشية يس على التصريح ١ / ٣٤٢ ، الدرر ٢ / ١٦٩.
(٢) [الحشر : ٩].
(٣) في ب : ولهم مقامع من حديد.
(٤) من قوله تعالى : «يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» [غافر : ٥٢].
(٥) في الأصل : الوجه.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(٧) وذلك أن (مفاعل) وزن يشبه (فعالل) وهو جمع لكل ما بدىء بميم زائدة كأسماء المكان والزمان والآلة ، وأمثلة المبالغة التي يستوي فيها المذكر والمؤنث ، نحو مهذار ، ومعطير ومطعن ، ومنشار ، ومسجد ، ومجلس. التبيان في تصريف الأسماء : (١٦١).
(٨) أخرجه ابن مردويه والحاكم وصححه البيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري. الدر المنثور ٤ / ٣٥٠.
(٩) ما بين القوسين في ب : ما أقاموها.
(١٠) عند قوله تعالى : «يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ» [البقرة : ٢٠].
(١١) انظر التبيان ٢ / ٩٣٧.
(١٢) في النسختين : فيها. والصواب ما أثبته.
(١٣) انظر البيان ٢ / ١٧٢ ، التبيان ٢ / ٩٣٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.