(لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ)(١) ، ولكن لا بد في بدل الاشتمال من رابط ، فقالوا : هو مقدر تقديره : من غمها (٢).
والثاني : أنه مفعول له (٣) ، ولما نقص شرط من شروط النصب جر بحرف السبب (٤). وذلك الشرط هو عدم اتحاد الفاعل ، فإن فاعل الخروج غير فاعل الغم ، فإن الغم من النار والخروج من الكفار(٥). واعلم (٦) أن الإعادة لا تكون إلا بعد الخروج ، والمعنى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا فيها. ومعنى الخروج ما يروى عن الحسن : أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا (٧).
قوله : (وَذُوقُوا) منصوب بقول مقدر معطوف على (أُعِيدُوا) أي : وقيل لهم : (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)(٨) ، أي : المحرق مثل الأليم والوجيع. قال الزجاج : هو لأحد الخصمين ، وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)(٩).
قوله : (يُحَلَّوْنَ) العامة على ضم الياء وفتح اللام مشددة من حلاه يحلّيه إذا ألبسه الحليّ (١٠). وقرىء بسكون الحاء وفتح اللام مخففة (١١) ، وهو بمعنى الأول كأنهم عدوه تارة بالتضعيف وتارة بالهمزة. قال أبو البقاء : من قولك : أحلي أي : ألبس الحلي (١٢) هو بمعنى المشدد.
وقرأ ابن عباس بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام مخففة (١٣) ، وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه من حليت المرأة تحلى فهي حال ، وكذلك حلي الرجل فهو حال ، إذا لبسا الحلي (أو صارا ذوي حلي (١٤)) (١٥).
__________________
(١) [الزخرف : ٣٣]. والاستدلال بالآية على أن قوله : «لِبُيُوتِهِمْ» * بدل من «لمن» بإعادة الجار ، وهو بدل اشتمال. البيان ٢ / ٣٥٣.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٣٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(٤) في ب : النسب. وهو تحريف.
(٥) ذكرنا شروط المفعول له عند قوله تعالى :«إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى» [طه : ٣].
(٦) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٣.
(٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٣.
(٨) انظر البيان ٢ / ١٧٢ ، التبيان ٢ / ٩٣٧.
(٩) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٤١٩.
(١٠) انظر التبيان ٢ / ٩٣٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(١١) المرجعان السابقان.
(١٢) التبيان ٢ / ٩٣٨.
(١٣) المختصر ٩٤ ـ ٩٥ ، المحتسب ٢ / ٧٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(١٤) انظر التبيان ٢ / ٩٣٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٠.
(١٥) ما بين القوسين في ب : وصار ذوا حليّ.