محذوف هو المفعول (ل «أرسلنا») (١) ، تقديره : إلا من أنهم. فالضمير في «إنّهم» وما بعده عائد على معنى «من» المقدرة ، واكتفي بقوله : (مِنَ الْمُرْسَلِينَ) عنه كقوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها انَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً)(٢)) (٣) ، أي : إلّا من يردها (٤).
فعلى قول الزجاج الموصوف محذوف ، وعلى قول الفراء الموصول هو المحذوف ، ولا يجوز حذف الموصول وتبقية الصلة عند البصريين إلّا في مواضع ، تقدّم التنبيه عليها في البقرة (٥).
الثالث : أن الجملة محلها النصب على الحال ، وإليه ذهاب ابن الأنباري (٦) قال : التقدير : إلّا وإنهم ، يعني أنها حالية (٧) ، فقدّر معها الواو بيانا للحالية ، فكسر بعد استئناف. وردّ بكون ما بعد «إلّا» صفة لما قبلها ، وقدره أبو البقاء أيضا (٨). والعامة على كسر «إنّ» ، لوجود اللام في خبرها ، ولكون الجملة حالا (٩) على الراجح. قال أبو البقاء : وقيل : لو لم تكن اللام لكسرت أيضا لأن الجملة حالية (١٠) ، إذ المعنى : إلّا وهم (١١). وقيل : المعنى : إلا قيل إنهم (١٢).
وقرىء «أنّهم» بالفتح على زيادة اللام وأن مصدرية ، والتقدير : إلّا لأنّهم (١٣) أي : ما جعلنا رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم (١٤).
وقرأ العامة «يمشون» خفيفة ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وعبد الله «يمشّون» مشددا مبنيّا للمفعول ، أي : تمشّيهم حوائجهم أو الناس (١٥).
وقرأ عبد الرحمن : «يمشّون» بالتشديد مبنيّا للفاعل ، وهي بمعنى «يمشون» (١٦) قال الشاعر :
٣٨٦٩ ـ ومشّى بأعطان المياه وابتغى |
|
قلائص منها صعبة وركوب (١٧) |
__________________
(١) ما بين القوسين في ب : إلا رسلنا. وهو تحريف.
(٢) مريم : ٧١.
(٣) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٤) انظر معاني القرآن ٢ / ٢٦٤.
(٥) عند قوله تعالى : «وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ» [١٦٤].
(٦) المراد به أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد الأنباري النحوي اللغوي ، له كتب كثيرة منها غريب الحديث ، المذكر والمؤنث ، والمقصور والممدود ، وغير ذلك مات سنة ٣٢٨ ه ، بغية الوعاة ١ / ١١٢ ـ ١١٤.
(٧) قال أبو حيان : (وهذا هو المختار) البحر المحيط ٦ / ٤٩٠ ، وانظر القرطبي ١٣ / ١٣.
(٨) التبيان ٢ / ٩٨٣.
(٩) في النسختين : حال. والصواب ما أثبته.
(١٠) حالية : سقط من ب.
(١١) التبيان ٢ / ٩٨٣.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٦٥.
(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٩٠.
(١٥) انظر المحتسب ٢ / ١٢٠ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٢١ ـ ٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٠.
(١٦) أي بمعنى قراءة العامة. انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٠.
(١٧) البيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في تفسير ابن عطية ١١ / ٢٢ القرطبي ١٣ / ١٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٠.