مستحيلة ، لأنّ من طلب شيئا محالا لا يقال : إنه عتا واستكبر ، ألا ترى قولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف : ١٣٨] لم يثبت (١) لهم بطلب هذا (٢) المحال عتوّا واستكبارا بل قال : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ).
ومما يدل على ذلك أن موسى ـ عليهالسلام (٣) ـ لما قال : (رَبِ (٤) أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف: ١٤٣] ما وصفه الله بالاستكبار والعتوّ ، لأنه ـ عليهالسلام (٥) ـ طلب الرؤية شوقا ، وهؤلاء لمّا (٦) طلبوها امتحانا وتعنتا لا جرم وصفهم بذلك (٧).
قوله : يوم يرون» فيه أوجه :
أحدها : أنه منصوب بإضمار فعل يدل عليه قوله : «لا بشرى» أي : يمنعون البشرى يوم يرون(٨).
الثاني (٩) : أنه منصوب ب (اذكر) ، فيكون مفعولا به (١٠).
الثالث : أنّه منصوب ب (يعذبون) مقدرا (١١).
ولا يجوز أن يعمل فيه نفس «البشرى» لوجهين :
أحدهما : أنها مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله (١٢).
والثاني (١٣) : أنّها منفية ب (لا) ، (وما بعد (لا)) (١٤) لا (١٥) يعمل فيما قبلها (١٦).
قوله : «لا بشرى» هذه الجملة معمولة لقول مضمر ، أي : يرون الملائكة يقولون لا بشرى ، فالقول حال من «الملائكة» ، وهو نظير التقدير في قوله : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ) [الرعد : ٢٣] إلى قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد : ٢٤].
قال أبو حيان : واحتمل (١٧) «بشرى» أن يكون مبنيّا مع «لا» ، واحتمل أن يكون في نية التنوين منصوب اللفظ ، ومنع من الصرف للتأنيث اللازم فإن كانة مبنيّا مع «لا» احتمل (١٨) أن يكون «يومئذ» خبرا و «للمجرمين» خبرا (١٩) بعد خبر ، أو نعتا ل «بشرى» ،
__________________
(١) في ب : لم ثبت. وهو تحريف.
(٢) في ب : بهذا. وهو تحريف.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) رب : سقط من ب.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) في ب : إنما.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٦٩ ـ ٧٠.
(٨) انظر الكشاف ٣ / ٩٤ ، البيان ٢ / ٢٠٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٢.
(٩) في ب : والثاني.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٩٤ ، التبيان ٢ / ٩٨٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٢.
(١١) انظر التبيان ٢ / ٩٨٣.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٨٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٢.
(١٣) في ب : والثالث.
(١٤) ما بين القوسين في ب : وما بعدها.
(١٥) لا : سقط من ب.
(١٦) انظر البيان ٢ / ٢٠٣ ، التبيان ٢ / ٩٨٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٢.
(١٧) في ب : فاحتمل.
(١٨) في ب : فاحتمل.
(١٩) في الأصل خبر بالرفع.