لأنّ تطوّيت وانطويت بمعنى (١) ، ومثله : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨] [أي : تبتّلا(٢)](٣) وقرأ الباقون من السبعة «ونزّل» بضم النون وكسر الزاي المشددة وفتح اللام ماضيا مبنيّا للمفعول ، «الملائكة» بالرفع (٤) لقيامه مقام الفاعل ، وهي موافقة لمصدرها.
وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء «ونزّل» بالتشديد ماضيا مبنيّا للفاعل ، وهو الله تعالى ، «الملائكة» مفعول به. وعنه ـ أيضا ـ «وأنزل» مبنيّا للفاعل عداه بالتضعيف مرة ، و (٥) بالهمزة أخرى ، والاعتذار عن مجيء مصدره على التفعيل كالاعتذار عن ابن كثير (٦). وعنه ـ أيضا ـ «وأنزل» مبنيّا للمفعول(٧).
وقرأ هارون عن أبي عمرو (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) بالتاء من فوق وتشديد الزاي ورفع اللام مضارعا مبنيّا للفاعل ، «الملائكة» بالرفع (٨) مضارع «نزّل» بالتشديد ، وعلى هذه القراءة ، فالمفعول محذوف ، أي : وتنزّل الملائكة ما أمرت أن تنزّله.
وقرأ الخفّاف عنه (٩)(١٠) ، وجناح بن حبيش «ونزل» مخففا مبنيّا للفاعل ، «الملائكة» بالرفع(١١). وخارحة عن أبي عمرو ـ أيضا ـ وأبو معاذ «ونزّل» بضم النون وتشديد الزاي ، ونصب «الملائكة» (١٢) ، والأصل : وننزل بنونين حذفت (إحداهما (١٣)) (١٤) وقرأ أبو عمرو
__________________
ـ الحضب : بالكسر : الذّكر الضخم من الحيات ، أو حية دقيقة. والشاهد فيه أن يكون الانطواء مصدر التطوي ، لأن المعنى واحد. قال سيبويه : (لأن معنى تطويت وانطويت واحد) الكتاب ٤ / ٨٢.
(١) قال ابن يعيش : (كل مصدرين يرجعان إلى معنى واحد ، فهذه المصادر أكثر النحويين يعمل فيها الفعل المذكور لاتفاقهما في المعنى ، وهو رأي أبي العباس المبرد ، والسيرافي ، وبعضهم يضمر لها فعلا من لفظها فيقول : التقدير : اجتوروا فتجاوروا تجاورا ، وتجاوروا فاجتوروا اجتوارا ، وكذلك قوله تعالى : «أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» [نوح : ١٧] أي : أنبتكم فنبتم نباتا ، فتكون هذه المصادر منصوبة بفعل محذوف دلّ عليه الظاهر ، وهو مذهب سيبويه) ابن يعيش ١ / ١١٢ ، وانظر المقرب (٤٩١).
(٢) الحجة لأبي علي ٦ / ١٨.
(٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(٤) السبعة (٤٦٤) ، الكشف ٢ / ١٤٦ ، النشر ٢ / ٣٣٤ ، الإتحاف (٣٢٨).
(٥) و : سقط من ب.
(٦) انظر المختصر (١٠٤).
(٧) قال أبو حيان : (وقرأ الأعمش وعبد الله في نقل ابن عطية «وأنزل» ماضيا رباعيا مبنيّا للمفعول مضارعه ينزل) البحر المحيط ٦ / ٤٩٤.
(٨) قال أبو حيان : (وهارون عن أبي عمرو «وتنزل» بالتاء من فوق مضارع نزل مشدّدا مبنيّا للفاعل) البحر المحيط ٦ / ٤٩٤.
(٩) هو إبراهيم بن محمد أبو إسحاق المكي الخفاف ، قرأ على أحمد البزي ، قرأ عليه أبو بكر محمد بن عيسى الجصاص. طبقات القراء ١ / ٢٦.
(١٠) عنه : سقط من ب ، أي : عن أبي عمرو.
(١١) انظر المختصر (١٠٤) البحر المحيط ٦ / ٤٩٤.
(١٢) انظر المختصر (١٠٤) ، المحتسب ٢ / ١٢٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٤.
(١٣) قال ابن جني : (إلا أنه حذف النون الثانية التي هي فاء فعل نزل ، لالتقاء الساكنين استخفافا) المحتسب ٢ / ١٢٠.
(١٤) ما بين القوسين في الأصل : إحديهما.