رساس (١) وروي (٢) عن علي ـ رضي الله عنه ـ : أنهم قوم كانوا يعبدون شجرة الصّنوبر وسموا أصحاب الرس ؛ لأنهم رسوا نبيهم في الأرض (٣). وروى ابن جرير عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن الله بعث نبيا إلى أهل قرية ، فلم يؤمن به من أهل القرية أحد إلا عبد أسود ، ثم إنهم حفروا للرسول بئرا وألقوه فيها ، ثم طبقوا عليها حجرا ضخما ، وكان ذلك الرجل الأسود يحتطب ويشتري له طعاما وشرابا ، ويرفع الصخرة ويدليه إليه ، فكان ذلك ما شاء الله فاحتطب يوما ، فلما أراد أن يحملها وجد نوما (٤) ، فاضطجع (٥) ، وضرب الله على أذنه تسع سنين ، ثم هبّ (٦) واحتمل حزمته واشترى طعاما وشرابا ، وذهب إلى الحفرة فلم يجد أحدا ، وكان قومه قد استخرجوه فآمنوا به ، وصدقوه ، وكان ذلك النبي يسألهم عن الأسود ، ويقول لهم إنه (٧) أول من يدخل الجنة (٨).
قوله : («وقرونا») (٩) أي : وأهلكنا قرونا كثيرة (١٠) بين عاد وأصحاب الرس (١١) والقرون : جمع قرن ، قال عليّ ـ رضي الله عنه ـ : القرن أربعون سنة ، وهو قول النخعي. وقيل : مائة وعشرون سنة. وقيل غير ذلك (١٢). وتقدم الكلام عليه في سورة سبحان عند قوله : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) [الإسراء : ١٧].
قوله : «بين ذلك» «ذلك» إشارة إلى من تقدم ذكره ، وهم جماعات ، فلذلك حسن دخول «بين» عليه (١٣). وقد يذكر الذاكر بحوثا ثم يشير إليها بذلك ، ويحسب الحاسب أعدادا متكاثرة ، ثم يقول : فذلك كيت وكيت ، أي ذلك المحسوب أو المعدود (١٤).
قوله : «وكلا» يجوز نصبه بفعل يفسره ما بعده ، أي : وحذرنا أو (١٥) ذكرنا ، لأنها في معنى ضربنا له الأمثال (١٦).
ويجوز أن يكون معطوفا على ما تقدم (١٧) ، و «ضربنا» بيان لسبب إهلاكهم. وأما «كلّا» الثانية فمفعول مقدم (١٨).
__________________
(١) المرجع السابق واللسان (رسس).
(٢) في ب : روي.
(٣) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٤٠ ، الفخر الرازي ٢٤ / ٨٢ ، القرطبي ١٣ / ٣٢ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٩.
(٤) في ب : قوما ما. وهو تحريف.
(٥) في ب : واضطجع.
(٦) في ب : ذهب.
(٧) أنه : مكرر في ب.
(٨) جامع البيان ١٩ / ١٠ ـ ١١.
(٩) ما بين القوسين بياض في ب.
(١٠) في ب : كثيرا.
(١١) انظر البغوي ٦ / ١٧٩.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٣ ، اللسان (قرن).
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٩٩.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٣.
(١٥) في الأصل : أي.
(١٦) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٦٨ ، الكشاف ٣ / ٩٨ ، البيان ٢ / ٢٠٥ ، التبيان ٢ / ٩٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٩.
(١٧) انظر التبيان ٢ / ٩٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٩.
(١٨) ل «تبرنا». الكشاف ٣ / ٩٨ ، البيان ٢ / ٢٠٥ ، التبيان ٢ / ٩٨٦.