و «مهانا» حال (١) ، وهو اسم مفعول من أهانه يهينه ، أي : أذلّه وأذاقه الهوان.
فصل
قال القاضي : بيّن الله تعالى (أن) (٢) المضاعفة والزيادة يكون حالها في الزيادة كحال الأصل ، فقوله : (وَيَخْلُدْ فِيهِ) أي : ويخلد في ذلك التضعيف ، وذلك إنما حصل بسبب العقاب على المعاصي ، فوجب أن يكون عقاب هذه المعاصي في حق الكافر دائما ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون في حق المؤمن كذلك ؛ لأن حاله فيما يستحق به لا يتغير سواء فعل مع غيره ، أو منفردا.
والجواب : لم لا يجوز أن يكون للإتيان بالشيء مع غيره أثر في مزيد القبح ، ألا ترى أن الشيئين قد يكون كل واحد منهما في نفسه حسنا وإن كان الجميع قبيحا ، وقد يكون كل واحد منهما قبيحا ، ويكون الجمع بينهما أقبح (٣). وسبب تضعيف العذاب أن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك فيعذب على الشرك وعلى المعاصي ، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه ، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الإسلام (٤).
قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) فيه وجهان :
أحدهما : وهو الذي لم يعرف الناس غيره : أنه استثناء متصل ؛ لأنه من الجنس (٥).
والثاني : أنه منقطع. قال أبو حيان : ولا يظهر ، يعني الاتصال ؛ لأن المستثنى منه محكوم عليه بأنه يضاعف له العذاب (فيصير التقدير : إلّا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فلا يضاعف له العذاب) (٦) ، ولا يلزم من انتفاء التضعيف انتفاء العذاب غير المضعّف ، فالأولى عندي أن يكون استثناء منقطعا ، أي : لكن من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدّل الله سيّآتهم حسنات وإذا كان كذلك فلا يلقى عذابا ألبتة (٧).
قال شهاب الدين : والظاهر قول الجمهور ، وأمّا ما قاله فلا يلزم إذ المقصود الإخبار بأنّ من فعل كذا فإنه يحلّ به ما ذكر إلا أن يتوب ، وأمّا إصابة أصل العذاب وعدمها فلا تعرّض في الآية له (٨). واعلم أن البحث الذي ذكره أبو حيان ذكره أيضا ابن الخطيب فقال : دلت الآية على أن التوبة مقبولة ، والاستثناء لا يدل على ذلك ، لأنه أثبت أنه (٩) يضاعف له العذاب ضعفين ، فيكفي لصحة الاستثناء أن لا يضاعف للتائب ضعفين ،
__________________
ـ وهو غلط) السبعة (٤٦٧). قال أبو علي : (وهي غلط من جهة الرواية) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٧٥ ، البحر المحيط ٦ / ٥١٥.
(١) انظر التبيان ٢ / ٩٩١.
(٢) أن : تكملة من الفخر الرازي.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١١١ ـ ١١٢.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١١١.
(٥) انظر التبيان ٢ / ٩٩١.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) البحر المحيط ٦ / ٥١٥.
(٨) الدر المصون ٥ / ١٤٦ ـ ١٤٧.
(٩) أنه : سقط من ب.