بها. وقيل : في بهيمة الأنعام ، وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك. ورواه مقسم عن ابن عباس. وعلى هذا فالمنافع درها ونسلها وأصوافها وأوبارها وركوب ظهرها إلى أجل مسمى ، وهو أن يسميها ويوجبها هديا ؛ فإذا فعل ذلك لم يكن له شيء من منافعها (١).
وروي عن ابن عباس أن في البدن منافع مع تسميتها هديا بأن تركبوها إن احتجتم (٢) إليها ، وتشربوا لبنها إن احتجتم (٧) إليه ، إلى أجل مسمّى إلى أن تنحروها (٣). وهذا اختيار الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق ، وهو أولى ؛ لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مرّ برجل يسوق بدنة وهو في جهد ، فقال عليهالسلام (٤) : «اركبها». فقال يا رسول الله إنها هدي. فقال : «اركبها ويلك» (٥). قال عليهالسلام (٩) : «اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا» (٦). واحتج أبو (٧) حنيفة (٨) على أنه لا يملك من منافعها بأنه لا يجوز له أن يؤجرها للركوب فلو كان مالكا لمنافعها لملك عقد الإجارة عليها كمنافع سائر المملوكات. وأجيب بأن هذا قياس في معارضة النص فلا عبرة به ، وأيضا فإن أم الولد لا يملك بيعها ويمكنه الانتفاع بها فكذا ههنا (٩). ومن حمل المنافع على سائر الواجبات يقول : (لَكُمْ فِيها) أي : في التمسك (١٠) بها منافع إلى أجل ينقطع التكليف عنده.
والأول قول جمهور (١١) المفسرين (١٢) لقوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي : لكم في الهدايا منافع كثيرة في دنياكم ودينكم وأعظم هذه المنافع محلها إلى البيت العتيق ، أي : وقت وجوب نحرها منتهية إلى البيت كقوله (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(١٣)(١٤).
وقوله : «محلّها» يعني حيث يحل نحرها ، وأما (الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) فالمراد به الحرم كله لقوله : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا)(١٥) أي : الحرم كله ، فالمنحر على هذا القول مكة ، ولكنها نزهت عن الدماء إلى منى ، ومنى من مكة قال عليهالسلام (١٦) :
__________________
(١) انظر البغوي ٥ / ٥٨٢.
(٢) في ب : احتجم. وهو تحريف.
(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٤.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٥٨٢.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) أخرجه البخاري (حج) ١ / ٢٩٣ ، مسلم (حج) ٢ / ١٩٦٠ ، ابن ماجه (مناسك) ٢ / ١٠٣٦ ، الدارمي (مناسك) ٢ / ٦٦ ، أحمد ٢ / ٢٤٥ ، ٢٥٤ ، ٢٧٨ ، ٣١٢ ، ٤٦٤ ، ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٨٧ ، ٥٠٥.
(٩) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٤.
(٦) أخرجه مسلم (حج) ٢ / ٩٦١ ، أبو داود (مناسك) ٢ / ٣٦٧ ، أحمد ٣ / ٣١٧ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ٣٤٨.
(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٤.
(٨) في ب : أبو حنيفة رضي الله عنه.
(٩) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٤.
(١٠) في ب : المتمسك.
(١١) جمهور : سقط من ب.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٤.
(١٣) [المائدة : ٩٥].
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٥.
(١٥) من قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا»[التوبة : ٢٨].
(١٦) في ب : عليه الصلاة والسلام.