الخارج منها لتشويق نفسه إليها والتحرز من الإلحاد والقسوة أيضاً كذلك.
ولا ما فيه عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام من قول : « من جاور بمكة سنة غفر الله تعالى له ذنوبه ولأهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرانه ذنوب تسع سنين قد مضت ، وعصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة » (١) إذ ليس نصّاً في التوالي ، مع جواز كون الارتحال لأحد ما ذكر أفضل من المجاورة التي لها الفضل المذكور كما في مكروهات العبادات ، ولذا قيل بعد ما ذكر بلا فصل : والانصراف والرجوع أفضل من المجاورة ، وهو يحتمل الحديث وكلام الصدوق (٢). انتهى.
وهو حسن ، مع أن الخبرين ضعيفاً السند بالإرسال ، فلا يقاومان ما سبق من وجوه ، فلا إشكال من جهتهما.
وإنما الإشكال من جهة الرواية المقيدة بالسنة الظاهرة في عدم الكراهة فيما دونها ، ومقتضى الأُصول وإن كان لزوم تقييد إطلاق ما سبقها بها إلاّ أن التعليلات فيها كادت تلحقها بالنص على الكراهة مطلقاً ، سيّما التعليل بإيراثها قساوة القلب وأنه أمر غير اختياري ، فيكون التعارض بينهما من قبيل تعارض النصّين. ولا ريب أن الأخذ بما هو المشهور أولى ، وخصوصاً مع كونه أحوط وأولى ؛ للمسامحة في أدلة السنن بما لا يتسامح في غيرها ، بناءً على أنه ليس المفهوم من الرواية استحباب الإقامة فيما دون السنة ، وإنما غايتها كسائر الفتاوي المقيّدة عدم الكراهة فيه ، وهو أعم من الاستحباب.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٤٦ / ٦٤٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٣١ أبواب مقدمات الطواف ب ١٥ ح ٢ ، في النسخ : أربعين سنة ومائة سنة.
(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٤.