في الآية المفيدة للتخيير ، بناءً على وضعها له لغةً ، كما صرّح به هو وغيره (١) ، مبالغاً في ظهورها فيه ، حتى ادّعى أنها نصّ فيه ، فقال في الجواب عن جواب المرتضى عنها بأنه يجوز العدول عن ظاهر القرآن للدلالة كما عدلنا في قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) (٢) عن مدلول الواو وهو الجمعية إلى التخيير ما صورته :
وفيه نظر ؛ لأنا نمنع أنه عدول عن الظاهر ، بل عدول عن النص ، وهو غير جائز ، لأن لفظ « أو » لا يحتمل أمرين أحدهما أظهر ، وهو التخيير ، بل هو نصّ في التخيير كما قال علماء العربية.
ثم قال : سلّمنا ، لكن نمنع وجود الدلالة الموجبة للعدول عن الظاهر ؛ لجواز أن يراد بالترتيب في الرواية الأفضلية ، لا الوجوب ، والتخيير في الآية لا ينافي أفضلية الترتيب.
وفيما ذكره من الجوابين نظر :
أمّا الثاني فلأن جواز إرادة الأفضلية من الترتيب الوارد في الروايات لا ينافي ظهورها فيه ، نعم هو محتمل خلاف الظاهر.
وأما الأول فلأن وضعها للتخيير لا يستلزم نصّيّته ، إلاّ بعد ثبوت صحة ما ذكره من عدم احتمالها أمرين أحدهما أظهر وهو التخيير ، ولم يثبت ، بل الثابت خلافه ، لظهور شيوع استعمالها فيما عدا التخيير من التنويع ، ولذا أن عامة متأخري الأصحاب بل كافّتهم عداه لم يدّعوا سوى ظهورها في التخيير ، لا صراحتها فيه ، بل زاد بعض متأخريهم فادّعى إجمالها وعدم ظهورها فيه ، وإنما استدل على هذا القول بالأصل فقال
__________________
(١) المدارك ٨ : ٣٣١ ؛ الذخيرة : ٦٠٤.
(٢) النساء : ٣.