وفيه ما عرفته من ضعفه في نفسه مضافاً إلى ما قاله ، مضافاً إلى ابتنائه على ضعف دلالة الرواية وتوقفها على إرادة المشابهة في المقدار والكيفية ، دون ثبوت أصل الكفارة خاصة ، وهو قد اعترف بظهورها في ما عدا الثاني ، وهو كاف ، إذ لا يشترط في الدلالة الصراحة.
ويعضده فهمُ الجماعة ، ولذا أفتوا بإطلاقها كما ذكره ، مشعراً بوفاقهم ، واتفاقُهم إلاّ النادر على ثبوت البدلين الأخيرين مع أنه لا حجة لهم سوى الرواية.
والحكم ببدليتهما هنا تبعاً للرواية العامة ببدليتهما عن الشاة حيث تعذّرت موقوف أوّلاً على كون المبدل منه الشاة ، وليس كذلك ، بل هو الإرسال. وثانياً على تعذرها ، والفرض إمكانها كما عرفته.
وممّا ذكرنا تبيّن أن الحقّ ما عليه المفيد والحلّي وسائر الجماعة ، وأنّ قول المتأخرين ضعيف في الغاية ، كالمحكي عن ابن حمزة ، حيث أوجب بعد العجز عن الإرسال التصدق بدرهم عن كل بيضة (١) ؛ لعدم وضوح دليل عليه ولا حجة ، كما صرّح به جماعة (٢).
نعم قيل : قد يكون مستنده خبر سليمان مع ما يأتي من الصحيح في مُحلّ اشترى لمحرم بيض نعام فأكله ، أنّ على المحلّ قيمة البيض ، لكل بيضة درهماً (٣) ، أو حمله على بيض الحمام ، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن فيه درهماً (٤). انتهى. وهو كما ترى.
__________________
(١) نقله عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٩٩.
(٢) منهم : صاحب المدارك ١ : ٣٣٦ ، والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٣٢٤.
(٣) الكافي ٤ : ٣٨٨ / ١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٦٦ / ١٦٢٨ ، الوسائل ١٣ : ٥٦ أبواب كفارات الصيد ب ٢٤ ح ٥.
(٤) كشف اللثام ١ : ٣٩٣.