وكما يقتضي الحال في هذه المسألة ضمان ما هو أزيد من ذلك كما إذا زاد الجزاء عن القيمة أو اجتمع عليه الأمران ، قد يقتضي ضمان ما هو أقل ، بل ما لا ينتفع به المالك ، فلا يكون الإحرام موجباً للتغليظ عليه زيادةً على الإحلال.
فيتحصل في هذه المسألة مخالفة في أُمور ثمّ عدّها وأنهاها إلى اثنى عشر أمراً ثم قال : إلى غير ذلك من المخالفات للأصل المتّفق عليه من غير موجب يقتضي المصير إليه ، وقد ذهب جماعة من المحقّقين منهم العلاّمة في التذكرة والتحرير ، والشهيد في الدروس ، والمحقق الشيخ علي إلى أن فداء المملوك لله تعالى ، وعليه القيمة لمالكه ، وهذا هو الأقوى ، لأنه قد اجتمع في الصيد المملوك حقان : لله تعالى باعتبار الإحرام والحرم ، وللآدمي باعتبار الملك ، والأصل عدم التداخل ، فحينئذ ينزّل الجاني منزلة الغاصب والقابض بالسوم ، ففي كل موضع يلزمه الضمان يلزمه هنا كيفيةً وكميةً ، فيضمن القيمي بقيمته ، والمثلي بمثله ، والأرش في موضع يوجبه للمالك ، ويجب عليه ما نصّ الشارع عليه هنا لله تعالى ، ولو كان دالاًّ ضمن الفداء لله تعالى خاصة (١) انتهى.
وهو حسن ، وما اختاره خيرة الشيخ في الخلاف والمبسوط (٢) أيضاً ، كما حكاه عنه جماعة مختارين له أيضاً (٣) ، بل زاد بعضهم فقال : إنه مذهب المتأخرين كافة (٤) ، بل ذكروا أن ظاهر المنتهى دعوى الاتفاق عليه منّا (٥).
__________________
(١) المسالك ١ : ١٤٣.
(٢) الخلاف ٢ : ٤١١ ، المبسوط ١ : ٣٤٦.
(٣) منهم : ابن فهد في المهذب ٢ : ٢٦٥ ، وصاحب المدارك ٨ : ٤٠٣ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٦١٥.
(٤) انظر المدارك ٨ : ٤٠٣.
(٥) انظر الذخيرة : ٦١٥.