تصدّقت بصدقة » وليس نصّاً في الوجوب ، فليحمل على الاستحباب جمعاً.
خلافاً للشيخين والقاضي وابن حمزة فيما حكي (١) فمنعوا عنه ؛ أخذاً بالخبرين ، وفيه ما عرفته في البين.
والعجب من بعض المتأخرين حيث مال إلى المنع هنا لهذا الصحيح ، قائلاً بعد أن نقل الجواب عنه بالحمل على الاستحباب عن المتأخرين : وهو مشكل ، لانتفاء المعارض (٢).
مع أن المعارض ، وهو الصحيح السابق الصريح في الجواز فحوًى أو إطلاقاً ، وأفتى به سابقاً أيضاً موجود ، وليس بعد ذلك إلاّ غفلته عنه هنا ، وإلاّ فالعمل بالصحيحين هنا وسابقاً ممّا لا يجتمعان ، بل لا بدّ من صرف هذا إلى ذلك بما قدّمنا ، أو بالعكس بنحو ما ذكره الشيخ في كتابي الحديث ، وقد تقدم نقله عنه سابقاً.
ولا ريب أن ما قدّمنا أولى من وجوه شتّى ، سيّما مع اعتضاده بقوله تعالى ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٣) فإن مفهومه عدم حرمة صيد البرّ ما دمتم محلّين ، خرج منه صيد الحَرَم إجماعاً فتوًى ونصاً ، وبقي الباقي ومنه ما نحن فيه تحت العموم مندرجاً ، والعام المخصَّص حجة في الباقي على الأشهر الأقوى ، ولذا استدل به الفاضل في المختلف على الجواز (٤) ، وهو في محلّه.
__________________
(١) حكاه عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٤٠١.
(٢) انظر المدارك ٨ : ٣٨١.
(٣) المائدة : ٩٦.
(٤) المختلف : ٢٧٨.