ولا خلاف فيهما أجده ، إلاّ من بعض المتأخرين في الثاني (١) ؛ لضعف الخبر سنداً ، ومعارضته ببعض الصحاح المتقدمة : « إنّ من نتف إبطه متعمداً فعليه دم شاة » (٢).
وفيه نظر ؛ فإن الضعف منجبر بالعمل ، سيّما من نحو ابن زهرة والحلّي (٣) ممن لا يعمل بأخبار الآحاد الصحيحة ، فضلاً عن الضعيفة ، إلاّ بعد احتفافها بالقرائن القطعية ، فيترجح الرواية على الصحيحة ، سيّما مع اعتضادها بمفهوم الصحيحة الأُولى المشترطة في لزوم الشاة نتف الإبطين معاً ، ومقتضاه عدم لزومها بنتف أحدهما.
فلا وجه لإيجابها له أيضاً إلاّ ما في الذخيرة من عدم العبرة بهذا المفهوم ؛ لورود الشرط مورد الغالب ، إذ الغالب في نتف الإبط نتفهما معاً (٤). وهو حسن ، إلاّ أن الغلبة كما تدفع أثر المفهوم كذا تدفع أثر الإطلاق وتمنع رجوعه إلى العموم لغير الغالب.
ولا ريب أن الموجود في الصحيح الموجب للشاة بنتف الإبط ليس إلاّ نتف الإبط ، وهو وإن كان مطلقاً يصدق على نتف الإبط الواحدة ، إلاّ أنه لمّا كان الغالب من أفراده كما هو الفرض نتفهما معاً ، تعيّن الحمل عليه ، دون نتف الإبط الواحدة ، فلا داعي لإيجاب الشاة فيه من جهة الرواية ولا من غيرها.
وهذا الوجه وإن جرى في الرواية الضعيفة أيضاً فتخالف الإجماع
__________________
(١) كصاحب المدارك ٨ : ٤٤٢.
(٢) راجع الهامش (١) من نفس الصفحة.
(٣) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧ ، الحلي في السرائر ١ : ٥٥٤.
(٤) الذخيرة : ٦٢٣.