يقتضي المصير إلى التأويل فيهما ، بحملهما على ما ذكره بعض الأصحاب (١) : من أنّ المراد بإمكان وجوده والقدرة على تسليمه كونه بحيث يوجد كثيراً عادةً بحيث لا يندر تحصيله ، فالمراد إمكان وجوده عادةً ، فإنّ الممكن عادةً هو الذي لا يعزّ وجوده.
فقد صرّحا أوّلاً باشتراط عدم الاستقصاء في الأوصاف الموجب لعزّة الوجود والبطلان معه. وثانياً بما يفصح عن إرادتهما الحمل من الإمكان وما في معناه صريحاً :
فقال الأوّل : ولو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم كما لو أسلم فيما يعمّ وجُوده وانقطع لحاجة ، أو وجد وقت الحُلول عامّاً ثم أخّر التسليم لعارض ثم طالب بعد انقطاعه تخيّر المشتري. إلى آخر كلامه.
وهو كما ترى كالصريح ، بل صريح في جعل المعيار في انعقاد السلم هو عموم الوجود ، ونحوه كلام آخر له يقرب من هذا في الدلالة عليه.
وقال الثاني : ولو أسلم فيما يعسر وجوده عند الأجل مع إمكانه كالكثير من الفواكه في البواكير فإن كان وجوده نادراً بطل ، وإن أمكن تحصيله لكن بعد مشقّة فالوجه الجواز ؛ لإلزامه به مع إمكانه ، ويحتمل المنع : لأنّه غرر.
فهو كالصريح في عدم جعل المعيار مجرّد الإمكان بالمعنى المتوهّم ، بل جعله إيّاه بالمعنى المتقدّم ، فنسبة الخلاف إليهما في المسألة ليست بجيّدة.
ومن عبارة الدروس يظهر نوع إيماء إلى وجه اشتراط هذا الشرط ،
__________________
(١) المحقق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٢٣٦.