فقال الرجل : كانت عندي وديعة ، وقال الآخر : إنّما كانت عليك قرضاً ، قال : « المال لازم له إلاّ أن يقيم البينة أنّها كانت وديعة » (١) فتأمّل.
وقالوا : وتظهر ثمرة الخلاف في جواز رجوع المقرض في العين ما دامت باقية ، ووجوب قبولها لو دفعها المقترض ، وفي النماء قبل التصرّف ، إن قلنا بكون التصرّف ناقلاً للملك حقيقة أو ضمناً ، يعني : قبل التصرّف بلحظة يسيرة ، كما في العبد المأمور بعتقه عن الآمر غير المالك ، فإنّه للمقترض على المختار ، وللمقرض على القول الآخر ، ولو قيل فيه بالكشف ففيه احتمالان.
ثم ليس في كلامهم تصريح ببيان المراد بالتصرّف الموجب للملك ، على ما ذكر في المسالك (٢) ، ويشعر بعض العبارات (٣) بأنّ المراد التصرّف المتلف للعين أو الناقل ، وعن ظاهر الشهيد في بعض التحقيقات أنّ المراد مطلق التصرّف (٤) ، كما هو الظاهر ، وعليه فيعود الخلاف مع المشهور لفظياً ، فإنّ القبض نوع من التصرّف ، فتأمّل.
وعلى المختار ليس للمقرض الرجوع في العين ، وفاقاً للأكثر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، بل وربما يستشعر من كثير من العبارات الإجماع عليه (٥) ؛ لأنّ فائدة الملك أن لا يتسلّط عليه غيره إلاّ برضاه ، والثابت بالعقد والقبض للمقرض إنّما هو البدل فيستصحب الحكم إلى أن يثبت المزيل ،
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٣٩ / ٨ ، الفقيه ٣ : ١٩٤ / ٨٨٣ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٨٨ ، الوسائل ١٩ : ٨٥ أبواب أحكام الوديعة ب ٧ ح ١.
(٢) المسالك ١ : ٢٢١.
(٣) المسالك ١ : ٢٢١.
(٤) حكاه عنه في المسالك ١ : ٢٢١.
(٥) كالسرائر ٢ : ٦٠ ، والتذكرة ٢ : ٦.