كان بطيبة نفس من صاحبه فلا بأس » (١).
وإطلاق الخبر وإن شمل صورتي وقوع الصلح بمقدار الحق وعدمه ، إلاّ أنه مقيّد بالصورة الثانية وكون المصالح به أقل ؛ التفاتاً إلى أنه الغالب دون المساوي والزائد ، فيرجع فيهما إلى عموم أدلّة جواز الصلح ، ويقتصر في تخصيصها بالخبر على الغالب المتيقن منه دون النادر.
ويختصّ فساد الصلح فيه بالباطن دون الظاهر ؛ لصحّته ، كما مرّ ، لعدم العلم بكون من عليه الحق مبطلاً خادعاً في صلحه واحتمال كونه محقّاً ، فيكون حاله مشتبهاً ، فلا يكون صلحه باطلاً في الظاهر ، وإن كان على مجهول.
نعم ، لو انكشف أمره ظاهراً بعد الصلح بحيث علم مقدار الحق وزيادته على ما صالح عليه بالبينة أو اعترف من عليه الحق بذلك اتّجه بطلان الصلح ظاهراً وباطناً.
هذا إذا لم يكن من له الحق قد رضي باطناً بالصلح بالأقل.
أما لو رضي به باطناً كان الصلح صحيحاً في نفس الأمر أيضاً ، وفاقاً للتذكرة والمسالك وجماعة (٢) ، فلا يجوز للمستحق حينئذٍ أخذ ما زاد عن مال الصلح وإن علم الزيادة ؛ لحصول الرضاء منه بذلك الأقل عوضاً عن حقه وإن كثر ، فيكون العبرة في إباحة الباقي بالرضاء الباطني لا بالصلح ؛ ويمكن الاستدلال عليه بإطلاق الصحيحة المتقدمة.
ولو انعكس الفرض بأن كان المستحق عالماً بقدر الحق والغريم
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢٠٦ / ٤٧١ ، الوسائل ١٨ : ٤٤٦ أبواب أحكام الصلح ب ٥ ح ٣.
(٢) التذكرة ٢ : ١٧٩ ، المسالك ١ : ٢٦٧ ؛ وانظر مفاتيح الشرائع ٣ : ١٢٢ ، والكفاية : ١١٧ ، والحدائق ٢١ : ٩١.