والأثمان مزجاً لا يتميّز معه المالان عدم اشتراط عدم التميّز في نفس الأمر ، بل يكتفى بعدمه في الظاهر وإن حصل في نفس الأمر.
وهو منافٍ لما ذكروه في التعريف من أنها اجتماع الحقوق على الإشاعة ، فإن الظاهر منها حيث تطلق أن لا يفرض جزء إلاّ وفيه حقّ لهما ، وبه صرّح الفاضل المقداد في شرح الكتاب (١) ، بل صرّح فيه بعدم حصول الشركة بمزج الحنطة والذرّة والدخن والسمسم ونحوها بمثلها ، بل حصرها في مزج مثل الأدِقّة والأدهان بمثلها.
ولكن الظاهر عدم استقامة ما ذكره على طريقة الأصحاب ؛ لاتّفاقهم في الظاهر وبه صرّح الفاضل كما مرّ على عدم اشتراط عدم تميّز النفس الأمري ، مع أن اشتراطه في نحو الأثمان مخالف لطريقة المسلمين في الأعصار والأمصار ، لأنهم لا يزالون يتشاركون فيها من زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى زماننا هذا من غير نكير في صقع من الأصقاع أو عصر من الأعصار ، فكان إجماعاً ، وقد نبّه عليه في التذكرة.
بقي الكلام في التوفيق بين التعريف وما هنا ، والخطب سهل بعد الإجماع على ما هنا ؛ لعدم الدليل على ما في التعريف من اعتبار الإشاعة بالمعنى المتقدم ، مع احتمال إرادتهم منها هنا عدم التميّز المطلق.
وكيف كان ، فهذه الشركة حيث كانت على جهة الاختيار وقصد التجارة هي الشركة العِنانيّة ، وهي مجمع عليها بين المسلمين كافّة ، كما في الغنية وعن التذكرة (٢) ، وبه صرّح جماعة (٣) ، والنصوص بها مع ذلك
__________________
(١) التنقيح الرائع ٢ : ٢٠٨.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٩٦ ، التذكرة ٢ : ٢٢٠.
(٣) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٨ : ١٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ٤ : ١٩٨ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٢ : ٢٠٩.