وهذه النصوص مع اعتبار أسانيدها ، واستفاضتها ، واعتضادها بعمل الأصحاب من غير خلاف يعرف ، بل ظاهر المسالك (١) الإجماع عليه خالية عن المعارض ، إلاّ ما يقتضيه القاعدة من فساد المضاربة ووقوع المعاملة فضوليّاً تقف على الإجازة تصحّ معها ، والربح كلّه للمالك ، وليس للعامل شيء ، وتبطل بدونها. ولكن لا مندوحة عن تخصيصها بهاء ؛ لما مضى. وربما وجّهت بما تلتئم به معها.
فقيل : وكان السبب في ذلك أن الغرض الذاتي في هذه المعاملة هو الربح وباقي التخصيصات عرضية لا تؤثّر في فساد المعاوضة المخالفة لحصول المقصود بالذات (٢).
وهو كما ترى ، ولذا صرّح الموجّه في محلّ آخر باختصاص الحكم بموارد النصوص ، فقال : أمّا لو تجاوز بالعين والمثل والنقد من وجوه التصرف حيث تعيّنت وقف على الإجازة ، فإن لم يُجز بطل (٣).
وهو كما ترى في غاية الجودة من حيث الدلالة على فساد التوجيه المتقدّم إليه الإشارة ، ومحلّ مناقشة من حيث تخصيصه الحكم بموارد الأخبار المذكورة ؛ لقوة احتمال التعدية إلى ما ذكره من الأمثلة ، لدلالتها عليها بالأولوية ، فإن الحكم فيها بصحة المضاربة مع المخالفة لما شرط عليه صريحاً يستلزم الحكم بصحّتها مع المخالفة لما دلّ عليه عقد المضاربة التزاماً ، كالأمثلة المذكورة بطريق أولى.
هذا إن أراد بالأمثلة ما يستفاد منها ضمن العقد التزاماً.
__________________
(١) المسالك ١ : ٢٨٣.
(٢) المسالك ١ : ٢٨٣.
(٣) الروضة ٤ : ٢١٨.