معلوم ربما زاد وربما نقص ، فيدفعها إلى الرجل على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة ، قال : « لا بأس » (١) ونحوه غيره (٢).
وفي الدلالة ضعف ، فإن غايته نفي البأس الغير الملازم للّزوم الذي هو المطلوب ؛ لأعمّيته منه ، فقد يجامع جواز الرجوع ، ويكون المطلوب من نفي البأس حينئذٍ بيان الجواز مع حصول التراضي ، ألا ترى إلى الصحيح : عن القوم يدفعون أرضهم إلى رجل فيقولون : كلها وأدّ خراجها ، قال : « لا بأس به إذا شاؤوا أن يأخذوها أخذوها » (٣) قد حكم فيه بنفي البأس عن نحو ذلك مع تصريحه بجواز الرجوع ، فظهر أن المراد من نفي البأس حيث يطلق إنما هو بيان الجواز المطلق لا اللّزوم.
إلاّ أن يقال بأن المقصود من التمسك بنفي البأس إنما هو إثبات الجواز دفعاً لما يتوهم من النهي عنه الناشئ من الجهالة ، وحيث ثبت الجواز ثبت اللزوم حيث يذكر في العقد اللازم ، عملاً بما دلّ على لزومه ، وهذا هو السرّ في تمسّك الأصحاب في القول بلزوم كثير من الشروط في العقود اللازمة بالنصوص التي غايتها نفي البأس عنها لا الحكم بلزومها.
ولكن هذا إنما يتم لو دلّت النصوص على نفي البأس عنها وإن ذكرت في العقد اللازم ، وإلاّ فالتمسك بها لذلك محل إشكال ؛ لأن المناط في نفي البأس حيث يذكر في غير العقود اللازمة هو حصول المراضاة ، والغرر والجهالة لعلهما مغتفران معها فيما عداها ؛ لجواز الرجوع بعد ظهور
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٦٥ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٩٦ / ٨٦٨ ، الوسائل ١٩ : ٥٧ أبواب المزارعة والمساقاة ب ١٧ ح ١.
(٢) الفقيه ٣ : ١٥٤ / ٦٧٨ ، الوسائل ١٩ : ٥٧ أبواب المزارعة والمساقاة ب ١٧ ح ١.
(٣) التهذيب ٧ : ٢٠٩ / ٩١٨ ، الوسائل ١٩ : ٥٨ أبواب المزارعة والمساقاة ب ١٧ ح ٣.