مع إمكان الجمع بينهما وبين الأوّلين بتقييدهما بهما ، وإن أمكن العكس ؛ لكون التعارض بينهما تعارض العموم من وجه ، كما ذكره بعض الأصحاب فقال : وقع التعارض بين المستثنى منه في خبر الدنانير والدراهم ، وحاصله لا ضمان في غير الدراهم والدنانير ، وبين المستثنى في خبر الذهب والفضة والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه (١) يمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر ، فإن خصّص الأوّل بالثاني كان الحاصل : لا ضمان في غير الدراهم والدنانير إلاّ أن يكون ذهباً أو فضة ، وإن خصّص الثاني بالأوّل كان الحاصل : كلّ من الذهب والفضة مضمونان إلاّ أن يكون غير الدراهم والدنانير (٢). انتهى.
وحينئذٍ فالأمر المشترك بين الحكمين ثابت وهو حصول الضمان في الدنانير والدراهم ، فلا بُدّ من استثناء هذا الحكم من عموم النصوص الدالة على عدم الضمان في مطلق العارية وتبقى في غير النقدين عن المعارض سليمة ، فإذاً المتجه عدم الضمان فيما عداهما من مطلق الذهب والفضة.
__________________
(١) فمادّة التصادق هو من الذهب والفضّة غير النقدين ، فيدلّ الأوّل على عدم الضمان فيه والثاني على الضمان ، ومادة تفارق الأوّل عن الثاني هو نحو الثوب ، ومادة تفارق الثاني عن الأوّل النقدان ، ولا إشكال في مادة التفارق ؛ لإمكان الجمع بين المتعارضين فيهما ، فيعمل في المادة الأُولى بما دل على نفي الضمان فيها ، وفي الثانية بما دل على ثبوت الضمان فيها ، وإنما الإشكال في مادة التصادق وهو الذهب والفضة غير النقدين ، فيمكن فيها العمل بما دل على نفي الضمان فيه ، ويمكن العكس ، ولكن الأوّل أظهر ؛ لما ظهر في المتن من أوفقيته بالأصل والأخبار الدالة على عدم الضمان في مطلق العارية وفي مطلق الأمين ، [ و ] لا يمكن ترجيح الثاني بعموم اليد ؛ لأنه مخصص بإطلاقات تلك الأخبار ، فلا يمكن العمل عليه بعمومه ( منه رحمهالله ).
(٢) الكفاية : ١٣٥.