وكذا ما لا يجوز الانتفاع به شرعاً فإنه لا تصحّ إعارته ، كأواني الذهب والفضة للأكل والشرب فيها ، وكذا كلب الصيد إن أستعير للهو والطرب ، والجواري للاستمتاع ؛ لاستلزام الأوّل الإعانة على الإثم المحرّمة بالكتاب والسنة ، والثاني مورد نصّ وإجماع كما يأتي في النكاح.
ولا خلاف في شيء من ذلك ولا إشكال إلاّ في المقصود بقولهم : لا تجوز إعارة ما لا يمكن الانتفاع به إلاّ بإتلافه ، فإنه غير واضح إن ظهر من المعير الرضا بإتلاف العين بقوله : أعرتكه ، مع القرينة ، فإن المعيار في جوازه هو رضاه به وقد حصل في محل الفرض ، وإن هو حينئذٍ إلاّ كالهبة والإباحة وإن عبّر عنهما بلفظ العارية ، ولا مدخل للّفظ الفاسد معناه في اللغة والعرف.
نعم ، حيث لا يعلم الرضا بالإتلاف إلاّ به اتّجه ما ذكروه ؛ لاشتراط استفادته منه بدلالته عليه ولو بالالتزام ، ودلالة لفظ العارية بمجرّده على الإتلاف فاسدة ؛ لعدم استنادهما إلى عرف أو لغة ؛ لأن وضع العارية فيهما بحكم الوضع والتبادر إنما هو لما يتم الانتفاع به مع بقاء عينه ، ولعل هذا مراد الأصحاب.
ويستثنى من مورد المنع حيث يثبت المِنحة بالكسر ، وهي الشاة المعارة للانتفاع بلبنها ، وقد أجمعوا عليه كما في المسالك والتذكرة وغيرهما من كتب الجماعة (١) ؛ وهو الحجة دون الرواية (٢) ، لضعفها. ثم
__________________
(١) المسالك ١ : ٣١٥ ، التذكرة ٢ : ٢١٠ ، وانظر مجمع الفائدة ١٠ : ٣٦٨ ، ومفاتيح الشرائع ٣ : ١٦٧.
(٢) عوالي اللئلئ ٣ : ٢٤١ ، مستدرك الوسائل ١٣ : ٣٩٣ أبواب الدين والقرض ب ٤ ح ٤.