وقد يستدلّ على الجواز فيما ذكرنا (١) بما عن التّنقيح من : «أن بقاء الوقف على حاله ـ والحال هذه ـ إضاعة وإتلاف للمال ، وهو منهي عنه شرعا ، فيكون البيع جائزا» (١).
ولعلّه (٢) أراد الجواز بالمعنى الأعم ،
______________________________________________________
(١) هذا ثاني الوجوه المستدل بها على جواز بيع الوقف فيما إذا كان بقاؤه مؤدّيا إلى الخراب والتلف على وجه لا ينتفع به ، استدل به الفاضل المقداد ، وهو قياس مؤلف من صغرى وكبرى ، فالصغرى : أنّ الإبقاء وعدم البيع إضاعة للمال وإسراف ، لفرض سقوطه بتلفه عن المالية المعتد بها.
والكبرى : أن تضييع المال منهي عنه شرعا بلا ريب. ونتيجة هاتين المقدمتين جواز البيع لئلا يتحقق التضييع المحرّم.
(٢) أي : ولعلّ الفاضل المقداد قدسسره أراد ... الخ. ومحصله : أنه لمّا كان مقتضى حرمة التضييع وجوب البيع لا إباحته ـ كما هو ظاهر عبارة التنقيح : كان جائزا ـ أراد المصنف قدسسره توجيه الجواز بما لا يرد عليه ما في المقابس ، وبيانه : أن المحقق الشوشتري قدسسره ناقش في الدليل المزبور بوجوه ثلاثة ، وقال قبلها : «ولا يخفى أن هذا الدليل يقتضي وجوب البيع فضلا عن جوازه» (٢) لوضوح أن الدافع للتضييع المحرّم ليس مجرد جواز بيع الوقف الآئل إلى الخراب ، لإمكان ترك الفعل المباح وتحقق إضاعة المال خارجا.
وعليه فكان المناسب أن يقول الفاضل السيوري : «فيكون البيع واجبا». ولو أراد إثبات مجرد الجواز كان عليه الاستدلال بوجه آخر لا بحرمة التضييع.
هذا توضيح ما في المقابس. والمصنف قدسسره ـ مع اعترافه بأنّ مقتضى عبارة
__________________
(١) التنقيح الرائع ، ج ٢ ، ص ٣٣٠.
(٢) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٥٩.