.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيهما : كون المتصرّف مسلّطا شرعا على ما يتصرّف فيه ، فلو لم يكن الشخص سلطانا على المال عقلا وشرعا لم يكن ترك التصرف فيه إضاعة وإتلافا له.
فإن قلت : تقدّم في الصورة الاولى الاستدلال بحرمة التضييع على تعيّن البيع ، حيث قال : «والأول ـ أي الإبقاء حتى يتلف ـ تضييع مناف لحق الله وحق الواقف وحق الموقوف عليه» (١) والمفروض أنّ الإضاعة والتضييع بمعنى واحد كما صرّح به غير واحد من أهل اللغة (٢) ، فإن صدق «التضييع» على ترك البيع هناك فلتصدق «الإضاعة» عليه هنا ، وإن لم تصدق «الإضاعة» هنا فليمنع من صدق «التضييع» هناك.
قلت : وإن كان اللفظان بمعنى لغة ، إلا أن الفارق بينهما أمران :
الأوّل : عموم «التضييع» لكلّ من الأمر الوجودي والعدمي ، بخلاف «الإضاعة» فإنّ إضافتها إلى المال توجب الاختصاص بالفعل ، ولا تشمل الترك.
ولعلّ المصنف استفاد هذه الخصوصية مما قيل في تفسير الخبر الناهي عن إضاعة المال ، قال العلّامة الطريحي قدسسره : «أراد به الحيوان ، أي : يحسن إليه ولا يهمل. وقيل إنفاقه في الحرام والمعاصي وما لا يحبّه الله تعالى. وقيل : أراد به التبذير والإسراف وإن كان في مباح» (٣).
ونحوه ـ عدا الجملة الاولى ـ ما في اللسان. فالإحسان والإنفاق ونحوهما امور وجودية ، غير صادقة على الترك والإهمال.
ثانيهما : عموم مفهوم «التضييع» عرفا لما إذا كان المال المضيّع داخلا تحت سلطان الشخص المتصرف ، وخارجا عنه كالوقف الذي يكون الموقوف عليه
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٦ ، ص ٦٢١.
(٢) مجمع البحرين ، ج ٤ ، ص ٣٦٧. لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٣١.
(٣) مجمع البحرين ، ج ٤ ، ص ٣٦٧. لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٣١.