لكن الإنصاف (١):
______________________________________________________
والثانية : أنّ المؤدّي إلى الخراب أعم من الفتنة الموجبة لاستباحة الأموال والأنفس ، بشهادة تجويز البيع للضرر العظيم كما في الصورة التاسعة.
وأما أخصية الفتاوى من المكاتبة ، فلاعتبارهم حصول العلم أو الظن بأداء البقاء إلى الخراب ، بشهادة تعبيرهم بالخوف والخشية ، مع أنّ المكاتبة تعمّ الاحتمال الموهوم ، بشهادة كلمة «ربما».
وأما أعمية المكاتبة من فتوى المشهور ، فلعدم اعتبار العلم والظن ، والاكتفاء بمجرد الاحتمال. وأما أخصيتها منها فلاختصاص الجواز بالفتنة المبيحة للأموال والأنفس.
ومادة الاجتماع ـ بمعنى جواز البيع بمقتضى المكاتبة وفتوى المشهور ـ هي العلم أو الظن بأداء بقائه إلى الخراب مع الفتنة المبيحة للمال والنفس. ومادة الافتراق من طرف الرواية هو احتمال وقوع الفتنة المبيحة لهما ، فيجوز البيع فيها ، خلافا للمشهور.
ومن طرف فتوى المشهور موردان :
أحدهما : العلم بأدائه إلى الخراب بدون الفتنة الموجبة لاستباحة المال والنفس.
وثانيهما : خوف الخراب بمعنى قلة المنفعة. ففي هذين الموردين لا دلالة للرواية على الجواز.
وبالجملة : فمع هذه النسبة بين المكاتبة والفتاوى كيف يصحّ الاستدلال بها؟ فما دلّت عليه لم يعمل به ، وما عمل به لم تدل المكاتبة عليه.
(١) غرضه إصلاح التشبث بالمكاتبة وإثبات عدم إعراض المشهور عنها ، ومحصله : أنّهم تسالموا على جواز البيع في الجملة ، واختلفوا في خصوصيته ومناطه. وهذا المقدار كاف في إحراز عملهم بالرواية وجبر ضعف الدلالة بالنسبة إلى المتفق عليه.