.................................................................................................
__________________
إلّا أن صاحب الجواهر قدسسره ذهب إلى إرادتهم الوقف المنقطع من الحبس ، عند من يرى رجوع المال بعد انقراض المسمّين إلى الواقف أو ورثته ، بقرينة ما يفهم من أدلتهم ، وأن الحبس عقد آخر غير الوقف المنقطع آخره ، إذ المقصود منه التسليط على العين لاستيفاء منفعتها لا تمليك الرقبة ، فلا معنى لإنشاء الوقف ووقوع الحبس. واستشهد ببعض كلماتهم لذلك ، كقول المحقق الثاني قدسسره بعد نقل عبارة التذكرة : «فعلى هذا تكون بعض أقسام الوقف حبسا ، وحينئذ فالنزاع يرجع إلى التسمية فقط» ، فراجع (١).
ولا بأس بالإشارة إلى ما استدل به على صحة الوقف المنقطع. وهو وجوه :
فمنها : الأصل ، المراد به إما أصالة عدم اشتراط الوقف بالتأبيد ، إذ مفهومه «تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة» الصادق عليه كصدقه على المؤبد ، فلو اعتبر فيه كان منشؤه اشتراطه شرعا ، وهو مشكوك فيه ، فينفى بالأصل.
وإمّا أصالة عدم مانعية الانقطاع بناء على جريان الأصل في شرائط المركبات وأجزائها وموانعها ، وكذا في الامور الاعتبارية الإنشائية. ومعه لا مجال لأصالة الفساد المقتضية لعدم ترتب الأثر على فاقد الشرط المشكوك الدخل ، أو واجد المانع كذلك. وتقدم بعض الكلام فيه في مقدمة ألفاظ العقود (٢).
لكن لا تصل النوبة إلى الأصل العملي إلّا مع عدم الإطلاق اللفظي والمقامي ، في أدلّة العقود ، وفي خصوص الوقف كما سيظهر.
ومنها : الأمر بالوفاء بالعقود ، إمّا لكون الوقف من العقود لاعتبار القبول فيه مطلقا ، وإمّا لكون المراد بالعقد في الآية مطلق العهد كما في صحيحة ابن سنان ، والوقف عهد وإن أنشئ بالإيجاب خاصة ، فيكون نافذا.
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ٥٥ ؛ جامع المقاصد ، ج ٩ ، ص ٢٠.
(٢) راجع هدى الطالب ، ج ٢ ، ص ٣١٨ ـ ٣٢٥.