المنفعة مال (١) لهم ، فلا تنتقل (٢) إلى المشتري بلا عوض.
______________________________________________________
الواقف هل هو الصلح على المنفعة التي هي حقّ للموقوف عليهم كي ينتقل إليه ، فيكون المبيع ـ عينا ومنفعة ـ مملوكا له ، أم أنّه يكفي إذن الموقوف عليهم في صحة تصرفات الواقف وإن لم تدخل المنفعة في ملكه؟
اختار شيخنا الأعظم الأوّل ، مستدلّا عليه بما حاصله : أنّ المقصود من بيع الواقف انتقال العين بجميع منافعها إلى المشتري لئلّا يلزم الغرر.
لكن إذن الموقوف عليه لهذا البيع مشكل ، سواء أكان المأذون فيه بيع العين أو المنفعة. أمّا الإذن في بيع العين ، فلا معنى له ، لكونها ملكا للواقف. وأمّا الرضا بنقل المنافع إلى المشتري فلا معنى له أيضا ، وذلك لأنّ انتقالها إليه لا بدّ أن يكون بعقد ناقل لها وهو الإجارة والصلح المفيد فائدتها ، والمفروض عدم تحقق شيء منهما. ومعه لا موجب لتملّك المشتري للمنفعة المختصة بالموقوف عليهم ، ويكون المنتقل إليه هو العين المسلوبة منفعتها.
نعم ، يمكن تصحيح انتقال المنفعة إلى المشتري بأحد وجهين سيأتي بيانهما.
(١) مراده قدسسره من كون المنفعة مالا للموقوف عليهم هو عدم قبولها للانتقال إلى المشتري بلا عوض ، فيتوقف تملكها على نواقل المنفعة. وليس المراد أنّ هذه المنفعة الخاصة مال غير قابل للدخول في ملك الغير. وذلك لأنّ شأن المال ـ بما هو مال ـ ليس عدم الانتقال إلى الغير بلا عوض ، فالهبة والصلح المفيد فائدتها ناقلان للمال ، والمفروض عدم تحقق ناقل المنفعة بعد.
(٢) يعني : أنّ المنفعة لا تنتقل إلى المشتري ، لأن البيع تمليك العين لا تمليك المنفعة ، بل المنفعة تملك في البيع بتبعية العين ، والمفروض فقدان قاعدة التبعية هنا ، إذ المنفعة ملك لغير مالك العين ، فلا تجري فيها قاعدة التبعية. فرضا الموقوف عليهم ـ لو أثّر ـ يصحّح البيع بالنسبة إلى نفس العين ، فتنتقل العين مسلوبة المنفعة إلى المشتري ، وانتقال المنفعة إليه منوط بناقل آخر ، ولم يتحقق بعد.