.................................................................................................
__________________
حتى يطلب الدليل عليه ، بل هو المنشأ بإنشاء الواقف. فكما لا يعقل وقف ما لا نفع فيه حدوثا ، فكذا لا يعقل ذلك بقاء.
مضافا إلى عدم كون هذا الوجه مغايرا للأوّل ، إذ لو كان ممتنعا لم يعقل قيام الدليل عليه ، وإن قام الدليل على البطلان كان هو الوجه.
وفي الثالث : أنه ليس أمرا مغايرا لقوله في الوجه الثاني : «لا دليل عليه» والدليل عليه تقوم حقيقة الوقف بتسبيل الثمرة ، فتنتهي بانتفائها.
وأمّا تنظير المقام بشرائط العقود كمالية العوضين ، فيشكل بأنّ الوقف ليس من هذا القبيل ، إذ حقيقة الوقف هي تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. ومن المعلوم أنّ هذا العنوان لا يتحقق إلّا ببقاء العين مع الانتفاع بها ، فمع عدم إمكان الانتفاع بها مع بقائها لا يصح وقفها. وهذا بخلاف شروط العقود الناقلة كمالية العوضين ، فإذا زالت مالية أحدهما بعد تمامية العقد والقبض لا يبطل العقد ، بل يبقى على ملكية من انتقل إليه وإن خرج عن المالية.
وعليه فالأولى تنظير الوقف بالإجارة المتوقفة على وجود المنفعة في المدة ليستوفيها المستأجر ، ولا يكفي كون العين ذات منفعة حال العقد ، ولذا يبطل بسقوطها عن قابلية الانتفاع بها بعده.
والحاصل : أن دعوى كفاية وجود شرائط العقود في الابتداء دون الاستدامة تتّجه في ما يكون خارجا عن ماهية العقد ، لا فيما يتقوّم به.
ولا يخفى أن المحقق الإيرواني قدسسره ـ بعد إبطال وجوه المناقشة الثلاثة وإرجاعها إلى وجه واحد ـ احتمل تارة واستظهر اخرى أن شيخنا الأعظم قدسسره استفاد من تعبير الجواهر ب «شرط الصحة» أنّ تسبيل الثمرة أمر زائد على حقيقة الوقف ، ولذا أورد عليه بأنّه لا وجه له ولا دليل عليه. مع أنّ مقصود صاحب الجواهر من شرط صحة الوقف هو الفصل المقوّم للماهية ، ومعه لا يبقى موضوع للإيراد عليه (١).
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٧٧.