.................................................................................................
__________________
وأمّا الأمر الثاني ، فقد اورد على مناقشة المصنف قدسسره بأجنبيتها عمّا في الجواهر ، وذلك لأن حقيقة الوقف حبس العين وتسبيل الثمرة ، وحيث إن مفهوم التسبيل متقوم ذاتا بالثمرة فلا يعقل بقاء الحبس وانتفاء الثمرة الموجب لانتفاء التسبيل ، بلا فرق بين الابتداء والاستدامة. فلا يعقل وقف مجرّد عن المنفعة. ولو فرض بقاء العين ـ بلا ثمرة ـ على الحبس كان وقفها بقاء بمعنى آخر أي حبسها من دون منفعة ، وهذا مغاير لمعنى الوقف حال الإنشاء من حبس العين وتسبيل الثمرة.
والحاصل : أن المركب ينتفى بانتفاء أحد أجزائه. هذا بناء على تركب ماهية الوقف.
وبناء على كون حقيقته حبسا للعين لتسبيل الثمرة ، فانتفاء الحبس بانتفاء غايته أوضح ، لفرض كون التحبيس مقدمة للتوصل إلى تسبيل المنفعة ، وأنّ ما لا منفعة فيه لا تحبيس للعين لأجل تلك المنفعة المعدومة. قال المحقق الأصفهاني قدسسره : «إذ الحبس لأجل التوصل إلى غاية لا يعقل بقاؤه بعد عدم إمكان التوصل إلى الغاية» (١).
وبالجملة : لما كان تسبيل المنفعة دخيلا في حقيقة الوقف ومقوّما لماهيته تعيّن بطلانه وانتهاؤه بانتفاء مقوّمه.
وحينئذ فاعتبار اشتمال العين على الثمرة ليس شرطا تعبديا خارجا عن حقيقة الوقف ، ليتجه التفصيل بين الابتداء والاستدامة بكفاية وجوده حدوثا وعدم اعتباره بقاء يقال تارة بأنه لا وجه له ، واخرى بأنّه لا دليل على اعتباره في الاستدامة ، وثالثة بالاستشهاد بشرط المالية في البيع مما لا ريب في اعتباره حال العقد لا إلى الأبد.
إذ في الأوّل : ما تقدم من كون تسبيل الثمرة مقوّما للوقف حدوثا وبقاء ، ولا ريب في انتفاء الشىء بانتفاء مقوّمه. فعدم البطلان مما لا وجه له.
وفي الثاني : أنّ الشرط المزبور ليس أمرا تعبديا خارجا عن حقيقة الوقف
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٢٦٨ ، وكذا حاشية المحقق التقي الشيرازي ، القلم الثاني ، ص ٢٤ و ٢٥.