ولا إشكال (١) في عدم جواز رفع اليد عمّا دلّ على بقاء حقّ الديّان متعلّقا بالتركة (٢) ، فيدور (٣) الأمر بين الوجهين الأخيرين ، فتنعتق على كلّ حال ،
______________________________________________________
لكونه بمنزلة بيعه ، ثم قال : «وليس للغرماء المنع وإن قلنا بتعلق حقّهم بالمنفعة لو لم تبع ، لأولوية حقه منهم ...» (١).
هذا بحسب مقام الثبوت ، وسيأتي الكلام فيما يقتضيه مقام الإثبات.
(١) هذا مقام الإثبات ، وغرضه قدسسره ترجيح الاستسعاء أو تمليك منفعتها على الاحتمالين الأوّلين ، وبيانه : أنّ ما دلّ على بقاء حقّ الدّيّان متعلقا بالتركة ، كما يقتضي عدم سقوط التكليف بأداء الدين ووجوب الوفاء به ، فيبطل الاحتمال الأول. فكذا يقتضي عدم تعلق حقوقهم بذمة الولد حتى يجب عليه بذل قيمة امّه إلى الغرماء. ويدور الأمر حينئذ بين الوجهين الأخيرين.
ووجه عدم جواز رفع اليد عمّا دلّ على تعلق الدين بالتركة هو : أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، ودليل منع بيع أمّ الولد في غير ثمنها يقتضي عدم تعلق حقّ الديان بعينها ، ولا يمنع من تعلقه بقيمتها أو منفعتها الذي هو نحو من التعلق بالتركة ، فتحمل أخباره على هذا النحو من التعلق ، جمعا بين الدليلين.
ولعل وجه عدم جواز رفع اليد عن دليل وجوب أداء دين الميّت ـ مع رفع اليد عنه في موارد مستثنيات الدين ـ هو : أنه دليل ينبغي إعماله مهما أمكن ، ومن المعلوم أنّ دليل عدم جواز بيع أمّ الولد في مطلق الدين لا يقتضي سقوط وجوب الوفاء به ، بل اللازم العمل بالدليلين جمعا بينهما ، فيؤدّى الدين لا من رقبتها.
(٢) ظهر آنفا أنّ وجوب أداء الدين مدلول عليه ببقاء حق الديان ، فلذا يبطل الاحتمالان الأوّلان معا بعدم سقوط حقهم.
(٣) هذا متفرع على سقوط الوجهين الأوّلين.
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٥ ، ص ٣٢٠.