حيث جوّز الشيخ رحمهالله في محكيّ الخلاف بيعها ، محتجّا بأنّه «لا يمكن الانتفاع بها إلّا على هذا الوجه (١) ، لأنّ الوجه الذي شرطه الواقف قد بطل (٢) ، ولا يرجى عوده» (١). ومنعه (٣) الحلّي قائلا : «ولا يجوز بيعها ، بل ينتفع بها بغير البيع ، مستندا إلى وجوب إبقاء الوقف على حاله مع إمكان الانتفاع. وزوال بعض (٤) المنافع لا يستلزم زوال جميعها ، لإمكان التسقيف بها ونحوه (٢).
______________________________________________________
(١) أي : على وجه البيع والانتفاع بثمنها.
(٢) هذا التعليل ـ بظاهره ـ لا يلائم ما قبله من قوله : «إلّا على هذا الوجه» الظاهر في انتفاء جميع وجوه الانتفاع بنحو السلب الكلي.
ووجه التنافي : دلالة قوله : «لأن الوجه الذي ...» على انتفاء خصوص المنفعة المقصودة للواقف ، وأنّه لا عبرة بسائر الانتفاعات.
لكن يرتفع التنافي بأنّ قوله : «إلّا على هذا الوجه» لا يدلّ على حصر الانتفاع بالبيع ، وسقوط جميع وجوه الانتفاع ، بل المراد عدم العبرة بسائر الانتفاعات ، لعدم كونها مقصودة للواقف ، وإلّا لو سقطت العين عن المنفعة بالمرّة لم يجز بيعها ، إذ كيف يباع ما لا منفعة له أصلا. وسيأتي في (ص ٥٣) بيان ما أراده الشيخ من التعليلين.
(٣) أي : ومنع ابن إدريس قدسسره البيع ، استنادا إلى وجوب إبقاء الوقف على حاله ، لأنّه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، فإن تيسّرت الثمرة المسبّلة فهو ، وإلّا فالصرف في منفعة اخرى.
(٤) كعدم إثمار النخلة بسبب قلعها ، فإنّه لا يستلزم فوات منفعة اخرى ، كأن يعمل منها زورق أو جسر ، أو يسقّف بها بيت مثلا.
__________________
(١) الخلاف ، ج ٣ ، ص ٥٥١ ـ ٥٥٢ ، كتاب الوقف ، المسألة : ٢٣
(٢) السرائر ، ج ٣ ، ص ١٦٧