من أنّ الرّد (١) في معنى عدم رفع اليد (*) عن حقّه.
______________________________________________________
(١) هذا وجه تأثير الإجازة بعد الرد ، وحاصله : أنّ للمرتهن حقّا في العين المرهونة ، ومعنى ردّ بيع الراهن إبقاء حقّه ، وعدم الإعراض عنه ، وله إسقاط حقّه فيما بعد ، كما هو شأن كل ذي حق.
فإن قلت : بيع الراهن نظير بيع الفضولي في التوقف على الإجازة ، ومن المعلوم أنّ إجازة المالك المسبوقة بالردّ لا تجدي في تأثير عقد الفضولي ، لسقوطه عن الصحة التأهلية بالرد. ولمّا كان مقتضى حقّ الرهانة سلطنة المرتهن على الإمضاء والردّ ، كان ردّه موجبا لجعل عقد الراهن بمنزلة العدم ، فلم يبق شيء في وعاء الاعتبار حتى تلحقه الإجازة.
قلت : الفرق بين إجازة بيع الفضول والراهن هو : أنّ المجيز لعقد الفضول مالك ، وإجازته تجعله أحد طرفي العقد ، وتصحّح انتسابه إليه حتى يخاطب بوجوب الوفاء بعهده. وقد تقرّر أنّ البائع الأصيل لو رفع يده عن الإيجاب ـ قبل انضمام القبول إليه ـ لم يبق موضوع للقبول.
وعليه فردّ المالك مبطل لإنشاء الطرف الآخر ، لكونه بمنزلة ردّ الموجب قبل لحوق القبول به.
وهذا بخلاف المقام ، ضرورة أنّ طرفي العقد هما الراهن والمشتري ، وإجازة المرتهن وإن كانت دخيلة في التأثير ، ولكنها لا تجعل عقد الراهن عقدا للمرتهن ، لكونه أجنبيا عن المبيع كأجنبيته عن الثمن ، فردّه لا يوجب سقوط الإنشاء عن
__________________
(*) هذا لازم معنى الرد لا معناه ، فان حقيقة الرد هو المنع عن نفوذ المعاملة وإسقاط العقد عن قابلية التأثير وجعله كالعدم ، في مقابل الإجازة التي هي تنفيذ مضمون العقد. ولازم الإجازة سقوط حق المجيز المرتهن ، فالرد يكون مانعا عن لحوق الإجازة.