بكنهها المتبايعان من كلّ مجهول. وقد تكرّر (١) في الحديث. ومنه حديث مطرّف : إنّ لي نفسا واحدة ، وإنّي لأكره أن اغرّر بها ، أي : أحملها على غير ثقة ، وبه (٢) سمّي الشيطان غرورا ، لأنّه يحمل الإنسان على محابّه ، ووراء ذلك (٣) ما يسوؤه» انتهى (١).
وقد حكي أيضا (٤) عن الأساس والمصباح والمغرب والمجمل والمجمع :
______________________________________________________
السمك في الماء. ويشمل عنوان «بيع الغرر» بيع المجهول ، وهو ما لا إحاطة للمتبايعين بكنهه وحقيقته.
(١) غرض الأزهري إقامة الشاهد على أن بيع الغرر «ما كان على غير عهدة ولا ثقة» ، ويكون معنى جملة «لأكره أن اغرّر بها» كراهة حمل النفس على ما تحب وتشتهي ، مع عدم الأمن من وقوعها في ما يسوؤها ويضرّ بها.
(٢) أي : بسبب أنّ الغرر هو حمل الإنسان على محابّه ـ في هذه النشأة الفانية ـ سمّي الشيطان غرورا.
(٣) أي : وراء المحاب والمشتهيات ـ التي تغرّر الإنسان بها ـ ما يسوؤه.
(٤) يعني : كما حكي عن الصحاح والنهاية. والحاكي عن الجميع صاحبا المصابيح والجواهر ، ففي الجواهر : «والغرر فيه ـ أي في الحديث ـ الخطر ، قاله في الصحاح والمصباح والأساس والمغرب والمجمل ، يقال : هو على غرر ، أي : على خطر» إلى أن قال : «والظاهر أنّ المراد بالمجهول ما يعمّ مجهول الأصل ، ومجهول الحصول ، فيوافق ما تقدّم في الصحاح والمجمل والمغرب ومجمع البحرين من تمثيل بيع الغرر ببيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ، وهو نصّ في المدّعى» (٢).
والمقصود من نقل عبارة الجواهر الإشارة إلى أن تفسير الغرر بالخطر غير
__________________
(١) النهاية (لابن أثير) ج ٣ ، ص ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ، مادة «غرر».
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٨٦ ـ ٣٨٧.