.................................................................................................
______________________________________________________
حينئذ : كون فعل البيع أرجح من تركه ، كما هو ديدن العقلاء الذين لا يقدمون غالبا على فعل إلّا إذا كان أرجح من تركه. ومن المعلوم أنّ الأعودية بهذا المعنى ممّا لم يقل به أحد ، لعدم كونها حينئذ شرطا تعبديا ، بل أمرا ارتكازيا عقلائيّا.
وبعبارة اخرى : المقصود من هذا الوجه إسقاط خبر جعفر عن الاعتبار بإبداء احتمال آخر في كلام الإمام عليهالسلام لم يقل به أحد ، فيشكل العمل به من جهة مخالفته للإجماع.
وتوضيحه : أنه عليهالسلام عدل عمّا فرضه السائل ـ من الحاجة إلى البيع ـ إلى قوله عليهالسلام : «إذا كان خيرا لهم». وهذه الجملة يحتمل كونها قيدا لجواز البيع ، فتدل بمفهوم الجملة الشرطية على انتفاء الجواز بانتفاء الخير ، كما هو مبنى الاستدلال.
ويحتمل كونها مبيّنة للموضوع بمعنى أنه عليهالسلام جوّز بيع الوقف ، ولم يعلّقه على كونه أصلح بحال الموقوف عليه ، وإنّما أتى بجملة «إذا كان خيرا» تمهيدا لذكر الجواب ، وهو «باعوا في مورد حاجتهم» وتنبيها على أن رعاية الخير والصلاح يكون من قبيل الداعي الذي يلاحظه العقلاء في معاملاتهم وأفعالهم الاختيارية ، حيث إن إقدامهم على المعاملة مطلقا ـ سواء أكان المبيع وقفا أو ملكا طلقا ـ وترجيح الفعل على الترك منوط عادة برعاية النفع والمصلحة ، ومن المعلوم أنّ هذا الأمر الارتكازي العقلائي لا يتوقف على بيان الشارع.
وعليه تكون هذه الشرطية «إذا كان خيرا باعوا» نظير الجمل الشرطية المسوقة لبيان الموضوع ، وقد تقرر عدم انعقاد المفهوم لها ، لكون السلب فيها بانتفاء الموضوع ، لا المحمول ، فكأنّه عليهالسلام قال : «إذا كان في بيع الوقف نفع ليس في عدمه ، فليبيعوا ، لأنّهم لا يقدمون على فعل اختياري إلّا أن يكون فيه الصلاح والخير». ومعناه عدم كون النفع شرطا تعبّديّا لجواز بيع الوقف ، بل هو إرشاد إلى أمر ارتكازي.