أنّه يكفي (١) في البيع عدم كفاية غلّة الأرض
______________________________________________________
ضمّ قوله : «ولم يكفهم ما يخرج من الغلّة» إليه يدلّ على وجدان ما يكفيهم لبعض معيشتهم ، فحاجتهم إلى مال آخر غير الغلّة التي لا تفي بمؤونتهم يكون في بعض السنة ، وهذا هو الفقير الشرعي. كما أن ظاهر السؤال تكرر عدم كفاية الغلّة في سنين عديدة ، ولم يختص بعام واحد ، إذ لم يقيّد عدم وفاء الغلّة ببعض السنين ، فيكون ظاهر حكاية الحال عدم استغناء الموقوف عليهم بهذه الغلّة.
والوجه في تقييد عدم كفاية الغلّة بالسنة هو كون المتعارف ملاحظة المعاش سنة كاملة.
وعلى هذا فكأنّ الراوي سأل عن حكم بيع الموقوفة بعد انطباق حدّ الفقير الشرعي على أهل الوقف ، وانحصار علاج فقرهم في البيع. ومن المعلوم أجنبية هذا عن جواز البيع للضرورة الشديدة ، المعبر عنها بالاضطرار العرفي ، لكون النسبة بينهما عموما من وجه ، فيجتمعان تارة ، كما إذا كان فاقدا لمئونة السنة اللائقة بشأنه ، وحصلت له حاجة شديدة إلى صرف مال في غير مئونته المتعارفة ، كمرض أو حرق مثلا ، فيتصادق عليه عنوانا «الفقير والمحتاج بشدة».
ويفترقان اخرى ، فقد يكون فقيرا غير واجد لمصرف سنته ، فينفق على نفسه مما ينطبق عليه من الحقوق الشرعية ، ولم يكن له حاجة شديدة ليبيع شيئا من أمواله.
وقد يكون محتاجا ـ مع عدم صدق الفقير عليه لوجدانه مئونة سنته ـ كما إذا أصابه مرض أو حرق ، فاضطرّ إلى صرف مال كثير ربما يكون أزيد من مئونة سنته.
وعليه فلمّا كان بين العنوانين عموم من وجه ، وكان جواب الإمام عليهالسلام تجويزا للبيع في مورد عدم الكفاية ـ أي الفقر ـ لم يمكن الاستدلال بالخبر على جواز البيع في مورد الضرورة والاضطرار. هذا توضيح الوجه الأوّل. وأما الوجه الثاني ، فسيأتي إن شاء الله تعالى.
(١) لقوله عليهالسلام : «نعم» الظاهر في وروده مورد السؤال ، وهو عدم كفاية الغلّة.