قال : وتقول في الاستفهام : أتأخذ دينارا أو ثوبا ، وليس معناه أن يلزمه أحدهما ، ولكن معناه أتأخذ هذين؟ فجواب هذا لا أو نعم ، ولو أراد أن يلزمه واحدا لا محالة ، يقال : أتأخذ دينارا أو درهما فجواب هذا لا يكون لا ولا نعم ، ولكن تقول : دينارا أو درهما ، وتقول : لا دينارا آخذ ولا درهما ، وتكون أو بمعنى بل في قول الفراء وأبي عبيدة قال : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [سورة الصافات آية : ١٤٧] ، وكذلك قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [سورة النحل آية : ٧٧] ، وقوله : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [سورة النجم آية : ٩] ، وأنشد شاهدا على ما تقدم :
قضى عنكما شهرين أو نصف ثا |
|
لث إلى ذاك ما قد غيّبتني غيابيا |
أي : ونصف ثالث لا يجوز هاهنا بل وكذلك في قوله : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) ، وقيل : (أَوْ يَزِيدُونَ) أي : أو يزيدون في تقديركم إذا رآهم رائي ، قال هو لا : (مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) فهذا هو القول ؛ لأنه على أصل ، أو وكذلك قوله : (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [سورة النحل آية : ٧٧] أي : لو رأى الرائي قدرة الله على إماتة الخلق وإحيائهم ، لقال : وذلك يكون في قدر لمح البصر أو أقل ، والساعة اسم لإماتة الخلق وإحيائهم وليس يذكر أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر.
وكذلك يقال : أو أدنى أقل عندكم لو رأيتموه لقلتم أنه كذلك ، والمراد أن النبي صلىاللهعليهوسلم أحب أن يرى جبريل صلوات الله عليه على صورته الحقيقية ، وكان يهبط للوحي على صورة رجل فاستوى جبريل في الأفق على صورته فرآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) [سورة النجم آية : ٨] جبريل فصار بينه وبين النبي صلوات الله عليهما القدر المذكور.
والمراد أنه دنا فتدلى فزاد قربا ، وقيل : دنا فتدلى أي : تدلى فدنا على القلب ، وهو في كلامهم واسع.