وقيل إذا صار الناس يبصرون فيه ، فهو مبصر ، كقولك : رجل مخبث ، إذا كان أهله خبثاء ، ورجل مضعف : دوابه ضعاف ، والنهار مبصر : أهله بصراء. ومبصر فيه أجود. وهو كقولهم : أحمق الرجل ، إذا جاء بأولاد حمقى ، وأصرم النخل ، إذا أذن بالصرام وألبن الرجل صار ذا لبن.
ويجوز أن يكون أصل الكلمة من الصلابة وبصر الشيء : حيث يغلظ ، تقول : هذا بصر الجبل والحائط ، وبصر السماء ؛ لأنه أقرب ما يبصر منها وهو أغلظها في رأى العين. وبصائر الدم : طرائقه على الجسد.
والبصر في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : البصر بالقلب ، قال الله : (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) [سورة يونس آية : ٤٣] يعني : عمى القلب وبصر القلب.
ونحوه قوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) [سورة غافر آية : ٥٨] ، يعني : المؤمن الذي يعلم والكافر الذي لا يعلم ، ويجوز أن يكون بصر العين وعماها ، ويكون المراد التنبيه على المنفعة بالإيمان ، لأنه مشبه بالبصر ، والمضرة بالكفر ، لأنه مشبه بالعمى.
الثاني : بصر العين ، قال : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [سورة الإنسان آية : ٢]. وقال : (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) [سورة يوسف آية : ٩٠].
الثالث : البصر بالحجة ، وهو راجع إلى الوجه الأول ، قال تعالى : (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) [سورة طه آية : ١٢٥]. جاء في التفسير أنه أراد : لم جعلتني أعمى عن الحجة ، وكنت في الدنيا بصيرا بها ، ويجوز أن يكون من بصر العين ، وأن الله يحشره أعمى العين ليجعله نكالا لمن خلفه.