وجاء في التفسير أن التأويل هاهنا منتهي مدة ملك أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أن اليهود حسبوا ليعلموا ذلك ، فأعلمهم الله أنه لا يعرف ذلك بالحساب ، وإنما يعرف من قبل الله تعالى.
والتأويل والتفسير واحد ، لأن معنى التأويل يعود إلى التفسير ، ويفرق بينهما من وجه ذكرناه في" كتاب الفروق" وهو أن التفسير هو الإخبار عن إفراد أحاد الجملة ، والتأويل : الإخبار بمعنى الكلام ، وقيل : التفسير إفراد ما انتظمه ظاهر التنزيل ، والتأويل : الإخبار عن غرض المتكلم بكلامه.
والثاني : عاقبة الأمر وما يؤول إليه ، وهو قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) [سورة الأعراف آية : ٥٣] ، يذكر قوما أوعدوا بالعذاب ، فتطلعوا عاقبة ما أوعدوا به رادين له ، فقال : هل ينظرون إلا تأويل ذلك المصير وتلك العاقبة ، أي : مرجعه ومآبه.
وقوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) [سورة يونس آية : ٣٩] ، أي : لم تأتهم عاقبة ما وعدهم في القرآن أنه كائن في الآخرة من الوعيد ، ولم يعن أنه لم يأتهم العلم وتفسيره ، لأن جميع ما في القرآن مفهوم المعنى ، ولو كان فيه شيء لا يفهم معناه لم يكن لإنزاله وجه.
ومثل ذلك قوله تعالى : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [سورة النساء آية : ٥٩ ، الإسراء : ٣٥] ، أي : عاقبة.
والثالث : تعبير الرؤيا ، قال : (يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) [سورة يوسف آية : ٦] ، يعني : تعبير الرؤيا. وقال : (نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ) [سورة يوسف آية : ٣٦] ، وقال : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) [سورة يوسف آية : ٤٥] ، وقال : (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) [سورة يوسف آية : ١٠١] ، يعني : بجميع ذلك تعبير الرؤيا ، وسميت الرؤيا أحاديث ؛ لأن منها ما يصح ، ومنها ما لا يصح ، مثل الأحاديث التي يتحدث بها صدقا وكذبا. فأما رؤيا الأنبياء عليهمالسلام خاصة فيقين.