وشرح الحلال والحرام ، وسمي ذلك حكمة ؛ لأنه يمنع من الوقوع في المحظور ، ومثله : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [سورة آل عمران آية : ٤٣].
الثاني : الفهم والعلم ، قال الله : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) [سورة لقمان آية : ١٢] ، وقال : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [سورة مريم آية : ١٢] ، يعني الحكمة ، وهو الفهم والعلم والحكمة والحكم سواء ، وهو مثل العذر والعذرة ، والقل والقلة ، والنحل والنحلة ، وهي العطية والخير والخيرة.
ومثله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) [سورة الأنعام آية : ٨٩] ، يعني : الفهم ، وقال : (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) [سورة يوسف آية : ٢٢] ، ويجوز أن يكون الحكم هنا القضاء ، أي : جعله قاضيا بين الناس ، وقال : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [سورة آل عمران آية : ٤٣] ، أي : علمناه الخط ، يقال : كتب كتابا ، والحكمة : ما أجري على لسانه من الكلم الداعية إلى الرشد الزاجرة عن الغي ، وقيل : الحكمة هنا الشرائع.
الثالث : النبوة ، قال : (آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [سورة النساء آية : ٥٤] ، يعني : النبوة ، ومثله : (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [سورة ص آية : ٢٠] ، يعني : النبوة ، والفصل الذي ينفصل به بين المتخاصمين ، وقيل : فصل الخطاب هو أما بعد وداود أول من قاله ، والأول الوجه. ومثله : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) [سورة البقرة آية : ٢٥١] ، أي : النبوة ، أي : أتى الله داود الملك والحكمة بعد قتل جالوت ، فدل على أن ملك جالوت انتقل إلى داود بعد قتله جالوت أو بعد موت طالوت.
الرابع : تفسير القرآن ، قال : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [سورة البقرة آية : ٢٦٩] ، قالوا : يعنى العلم بتفسير القرآن ، ويجوز أن تكون الحكمة القرآن نفسه ، ومصداق ذلك قوله تعالى : (ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) [سورة الإسراء آية : ٣٩].
ويجوز أن تكون النبوة والشاهد قوله : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [سورة النساء آية : ٥٤] ، ويجوز أن يكون العلم والأصالة كقوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ