٢٦] ، جاء في التفسير أنه أراد بهاتين الآيتين الجزاء ، وكذلك قالوا في قوله تعالى : (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [سورة المؤمنون آية : ١١٧] ، أي : جزاؤه.
والأجود أن يفسر على الوجه المعروف ، فيقال : أراد أن عليك أن تبلغهم ، وعلينا أن نحاسبهم ، وفي هذا تهديد شديد ، وهو أيضا يرجع إلى معنى الجزاء ، لأنه إذا حاسبهم جازاهم.
الثاني : الحساب المعروف ، قال : (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) [سورة الإسراء آية : ١٢] ، وأراد بالحساب هاهنا عدد الأيام والأعوام ، ومدد الأعمار والآجال والديون ، وغير ذلك مما يجري مجراه.
ولم يعن حساب الأموال وما بسبيلها ، وقال : (سَرِيعُ الْحِسابِ) [سورة البقرة آية : ٢٠٢] ، ومعنى ذلك أنه إذا أراد حسابهم لم يتعذر عليه ، وفي هذا دليل على أنه ليس بجسم ؛ لأن الجسم يتعذر عليه حساب الجماعات الكثيرة في حال واحدة.
وقيل الحساب أن تأخذ ما لك ، وتعطي ما عليك ، والله تعالى قد أحصى الأعمال ؛ فهو يجازي عليها من غير تعذر ولا إطالة.
الثالث : بمعنى الكافي ، قال الله : (عَطاءً حِساباً) [سورة النبأ آية : ٣٦] ، أي : كافيا على ما ذكرنا.
ووجه رابع : وهو قوله : (يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) [سورة غافر آية : ٤٠] ، قال المبرد : المراد أنه يتجاوز بهم جد ما فعلوا ، وعندنا أن هذا موضوعه للكثرة ، يقال : أعطاه بغير حساب ، أي : أعطاه كثيرا ، وذلك أن الحساب للإحاطة والحصر ؛ وكأنه قد أعطاه عطاء لا يحصر كثرة ، ومثله قوله : (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) [سورة آل عمران آية : ٣٧] ، ويجوز أن يكون تفضل عليه ، بغير استحقاق ، والتفضل غير محسوب.