والمراد أنه يبقى حيا فحقيقة المعنى أن لكم في القصاص بقاء حياة ونحوه ، : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) [سورة الأعراف آية : ١٤١] ، أي : يستبقونهن فتضاعف المحنة عليكم ببقاء النساء مع فناء الرجال ، واستحياه واستبقاه بمعنى واحد فاستبقاه طلب بقاءه ، واستحياه طلب حياته ، ولا يستبقيه إلا وهو يستحييه ، ولكن لفظ الاستبقاء أكثر في الاستعمال فلأجل هذا فسروا الاستحياء بالاستبقاء ، أخرجوا الأغمض إلى الأشهر.
الخامس : مثل قال الله : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [سورة المائدة آية : ٣٢] ، أي : من استنقذها من الضلال أو أغاثها من المكروه فكأنه أحيا الناس جميعا ، أي : أجره أجر من أحيا الناس جميعا وأجر من يحيي الناس جميعا يتضاعف على قدر ذلك ، ويجوز أن يكون معناه أنه قد أسدى إلى كل واحد منهم يدا بإحيائه أخاه المؤمن ؛ فكأنه أحياهم كما تقول للرجل يسدي إليك يدا قد أحييتني ، وإن كان لا يقدر على ذلك.
السادس : الحياة بعد الموت ، قال : (وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) [سورة آل عمران آية : ٤٩] ، وقال : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) [سورة القيامة آية : ٤٠].
__________________
ـ للفظ القتل وليس قوله : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) كذلك ورابعها : أن قول القائل : القتل أنفى للقتل. لا يفيد إلا الردع عن القتل ، وقوله : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) يفيد الردع عن القتل وعن الجرح وغيرهما فهو أجمع للفوائد وخامسها : أن نفي القتل مطلوب تبعا من حيث إنه يتضمن حصول الحياة ، وأما الآية فإنها دالة على حصول الحياة وهو مقصود أصلي ، فكان هذا أولى وسادسها : أن القتل ظلما قتل ، مع أنه لا يكون نافيا للقتل بل هو سبب لزيادة القتل ، إنما النافي لوقوع القتل هو القتل المخصوص وهو القصاص ، فظاهر قولهم باطل ، أما الآية فهي صحيحة ظاهرا وتقديرا ، فظهر التفاوت بين الآية وبين كلام العرب. [مفاتيح الغيب : ٣ / ٦٩]