الثالث : العلم ، قال الله : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً) [سورة البقرة آية : ١٨٢] ، أي : علم ، وقد تكلمنا في هذه الآية ومثله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) [سورة البقرة آية : ٢٢٩] ، أي : فإن علمتم ، وأول الآية : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) [سورة البقرة آية : ٢٢٩] ، يعني : أن المهر الذي استحل به الرجل فرجها ؛ لا يحل له أن يأخذه مهرها على الكره ، ولا على سبيل الإلجاء لها إلى دفعه إليه ليتخلص منه ؛ إلا أن يكون الرجل على حال لا تصبر المرأة عليها ، فتفتدي منه بمهرها وله أن يأخذ ذلك منها ، ويسرحها.
وقيل : لا يحل لكم إذا أردتم طلاقهن أن تضاروهن حتى تفتدين أنفسهن بترك مهورهن : (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) [سورة البقرة آية : ٢٢٩] ، فيما يجد لكل واحد منهما على الآخر ، وقيل : يعني : في النشوز ؛ لأنها إذا نشزت لم يكن على الرجل جناح في أخذ ما افتدت به نفسها منه ليطلقها ، وفي النساء : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) [سورة النساء آية : ٣] ، ومثله : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) [سورة الأنعام آية : ٥١].
الرابع : الخوف بعينه ، قال الله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة الأعراف آية : ٣٥] ، وقال : (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) [سورة فصلت آية : ٣٠] ، وقوله : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) [سورة الأعراف آية : ٥٦] ، وقوله : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) [سورة السجدة آية : ١٦].
الخامس : التخوف ، وليس هذا بابه ، وهو التنقص ، قال : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) [سورة النحل آية : ٤٧] ، أي : تنقص أموالهم وثمارهم حتى يهلكهم.