كل من حضره المعنى بالقول أو العقد أو الخطور بالبال ، فهو ذاكر ، ويكون أصله التنبيه على الشيء ، وكل من ذكر لنا شيئا فقد نبهنا عليه ، والذكر أنبه من الأنثى.
الثاني : قال هو الذكر باللسان في قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) [سورة النساء آية : ١٠٣] ، وقوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) [سورة الأنفال آية : ٤٥] ، وقال : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) [سورة الأحزاب آية : ٤١] ، كذا قيل ، ولا تنكر أن يكون أراد الذكر بالقلب واللسان جميعا.
الثالث : الذكر في القلب خاصة ، قال : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [سورة آل عمران آية : ١٣٥] ، أي : ذكروا قدرة الله عليهم وأياديه إليهم فاستغفروه وتابوا إليه.
الرابع : ذكر الصفة والأمر ، قال : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) [سورة يوسف آية : ٤٢] ، أي : اذكر أمري وصفتي ، وقال : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) [سورة مريم آية : ١٦] ، أي : اذكر أمرها ، فإن فيه عجبا ، وهكذا قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) [سورة مريم آية : ٤١] ، أي : اذكر في الكتاب الذي أنزل عليك قصة إبراهيم عليهالسلام ، أي : اقرأها واعتبر بها.
الخامس : الحفظ ، قال الله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) [سورة البقرة آية : ٦٣] ، وكذلك في الأعراف : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) [سورة الأعراف آية : ١٧١] ، أي : احفظوه.
السادس : الوعظ ، قال : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) [سورة الأنعام آية : ٤٤] ، أي : وعظوا ، وفي الأعراف أيضا : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) [سورة الأعراف آية : ١٦٥] ، وقال : (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) [سورة يس آية : ١٩] ، أي : وعظتم ، وقال : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ) [سورة ق آية : ٤٥] ، وقال : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) [سورة الغاشية آية : ٢١] ، وفي هذه الآيات دليل على أن الطاعة والمعصية من العبد ؛ لأنهما لو كانتا من الله لم يكن لتذكير الله إياه فائدة.