عليك مثل الّذي صلّيت فاعتصمي
رفع مثل على الدعاء دعا لها مثل الذي دعوت له ، ونصبه على الأمر ؛ أي : تزداد من الدعاء ، أي : عليك بمثل ما قلت ، وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [سورة الأحزاب آية : ٥٦].
[الثاني : الرحمة] ؛ قال : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) [سورة البقرة آية : ١٥٧].
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : " اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى" (١) أي : ارحمهم ، وهذا والأول واحد لأن الترحم دعاء ، ولا شك أن الله يرحم نبيه.
والفائدة في الترحم عليه ما يستحق المترحم من الثواب ، فإذا جدد الله تعالى لنبيه تكريما عند دعاء الداعي ؛ قيل : إن الله أجاب دعائه وفي الإجابة تكريم المجاب.
والدعاء ليس بواجب في العقول ؛ وإنما أوجبه القرآن لأن العاقل يعلم أن الله لا يختار له إلا الأصلح في دينه ودنياه. فيجوز أن ينصرف عن الدعاء تفويضا لأمره إلى الله ، والله لا يمنع العبد ما فيه صلاحه ؛ ولكنه أمره بالدعاء تعريضا للإجابة لما فيها من إكرام المجاب.
ويجوز أن يكون أمره بالدعاء ؛ لأن الذي يطلبه لا يكون مصلحة لما فيها له إلا بالدعاء.
الثالث : الصلاة المعروفة ؛ قال : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [سورة الإسراء آية : ٧٨] ، وقيل : دلوكها : غروبها ، وقيل : زوالها.
الرابع : قوله : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) [سورة هود آية : ٨٧] قال المفسرون : أراد قراءتك والمشهور الصلاة المعروفة.
وقالوا له ذلك لما أنكروا ما يدعوهم إليه من مخالفة دينهم ، كما تقول للرجل الصالح : تنكر منه أمرا أورعك أو صلاحك أمرك بهذا وأنت تريد نهيه عن ذلك وإنكاره عليه.
__________________
(١) متفق عليه من حديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه البخاري (١٤٩٨) ، (٤١٦٦) ، (٦٣٣٢) ، (٦٣٥٩) ، وأخرجه مسلم (١٠٧٩) ، والنسائي (٢٤٥٩) ، وأبو داود (١٥٩٠) ، وابن ماجه (١٧٩٦).