الأول : الملائكة والجن والإنس ؛ وهو قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١) هذا قول أكثر المفسرين ، وإنما ذكر هؤلاء : (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة الأنعام آية : ١٦٤] لأن الأقل داخل في الأكثر.
الثاني : الجن والإنس خاصة ؛ قال الله : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [سورة الفرقان آية : ١] أي : عظة وزجرا عن المعاصي وداعيا إلى التوحيد.
الثالث : قوله : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة الجاثية آية : ١٦] يعني : عالمي زمانهم ، ودليل هذا أنه لم يفضلهم على أمة محمد عليهالسلام ؛ ولو فضلهم لم يقل : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [سورة آل عمران آية : ١١٠].
__________________
(١) قال الرازي : العالمين عبارة عن كل موجود سوى الله تعالى ، وهي على ثلاثة أقسام : المتحيزات ، والمفارقات ، والصفات. أما المتحيزات فهي إما بسائط أو مركبات ، أو البسائط فهي الأفلاك والكواكب والأمهات ، وأما المركبات فهي المواليد الثلاثة ، واعلم أنه لم يقم دليل على أنه لا جسم إلا هذه الأقسام الثلاثة ، وذلك لأنه ثبت بالدليل أنه حصل خارج العالم خلاء لا نهاية له ، وثبت بالدليل أنه تعالى قادر على جميع الممكنات ، فهو تعالى قادر على أن يخلق ألف ألف عالم خارج العالم ، / بحيث يكون كل واحد من تلك العوالم أعظم وأجسم من هذا العالم ، ويحصل في كل واحد منها مثل ما حصل في هذا العالم من العرش والكرسي والسموات والأرضين والشمس والقمر ، ودلائل الفلاسفة في إثبات أن العالم واحد دلائل ضعيفة ركيكة مبنية على مقدمات واهية ؛ قال أبو العلاء المعري :
يا أيها الناس كم لله من فلك |
|
تجري النجوم به والشمس والقمر |
هين على الله ماضينا وغابرنا |
|
فما لنا في نواحي غيره خطر |
ومعلوم أن البحث عن هذه الأقسام التي ذكرناها للمتحيزات مشتمل على ألوف ألوف من المسائل ، بل الإنسان لو ترك الكل وأراد أن يحيط علمه بعجائب المعادن المتولدة في أرحام الجبال من الفلزات والأحجار الصافية وأنواع الكباريت والزرانيخ والأملاح ، وأن يعرف عجائب أحوال النبات مع ما فيها من الأزهار والأنوار والثمار ، وعجائب أقسام الحيوانات من البهائم والوحوش والطيور والحشرات لنفد عمره في أقل القليل من هذه المطالب ، ولا ينتهي إلى غورها كما قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ)[لقمان : ٢٧] وهي بأسرها وأجمعها داخلة تحت قوله (رَبِّ الْعالَمِينَ). [مفاتيح الغيب : ١ / ٣٥].