فأما قولهم : فرض القاضي عليه فإن معناه ؛ أوجب عليه ما فرض لله لأن القاضي لا يفرض في الحقيقة ، فأما قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) [سورة البقرة آية : ١٩٧] فهو بمعنى ألزم ، فوضع حرفا مكان حرف لتقاربهما في المعنى ، وكذلك فرض القاضي.
والفرض في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : الإلزام ؛ قال الله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) ، وقال : (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) [سورة الأحزاب آية : ٥٠] يعني : المهور ، وأن لا يتجاوز الرجل تزوج أربع نسوة ، وقيل : الفرض هاهنا الإباحة ؛ أي : أبحنا لهم تزوج أربع نسوة وما ملكت أيمانهم ؛ أي : وإن اتخذوا من الإماء والسرارى ما يريدون ، وقال في آية الصدقات بعد أن عدد أهلها : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) [سورة النساء آية : ١١ ، التوبة : ٦٠] ، وقيل : للصلاة المكتوبة فريضة ولسهام الميراث فرائض لذلك.
الثاني : بمعنى التبيين ؛ قال الله : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [سورة التحريم آية : ٢] أي : بين لكم كيف يكفرون عن إيمانكم إذا حلفتم ، ومثله قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) [سورة النور آية : ١] أي : بيناها وفضلناها ، وقيل : معنى : (فَرَضْناها) التخفيف ؛ إنا أنزلنا العمل بما فرض فيها ، ومن شدد أراد التكثير ؛ أي : فرضنا فيها فروضا.
الثالث : فرض بمعنى أحل ؛ قال الله : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) [سورة الأحزاب آية : ٣٨] يعني : فيما أحل له ، ويجوز أن يكون معناه أنه أوجب عليك العمل به.
الرابع : بمعنى أنزل ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) [سورة القصص آية : ٨٥] ، أي : أنزل ، ويجوز أن يكون معناه أنه أوجب عليك العمل به
الخامس : الفريضة بعينها وهي الخصلة يلزم فعلها ؛ قال تعالى : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) [سورة النساء آية : ١١ ، التوبة : ٦٠] والفريضة المهر أيضا في قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [سورة البقرة آية : ٢٣٥] الآية.